التحويل عن طريق التجديد ، لان الدائن يأبى ان يتغير عليه المدين من دون رضائه ، ويعنيه من تغيير مدينه ما لا يعني المدين من تغيير دائنه ، فبقيت القوانين اللاتينية عند هذه المرحلة من التطور ، ولم تستكمله الى غايته ، وذلك مع استثناء التقنين المدني الايطالي الجديد ، فقد أقرَّ حوالة الدَّين عند الكلام في الإنابة في الوفاء.
أما التقنينات الجرمانية فقد سارت في التطور الى نهاية الطريق ، ومادامت فكرة الالتزام قد تطورت فاصبح الالتزام قيمة مادية اكثر منه رابطة شخصية ، ومادام قد أمكن تصور انتقال الالتزام من دائن الى دائن اخر ، فما الذي يحول دون التسليم بانتقاله من مدين الى مدين آخر ، ومن ثم يعرف كل من التقنين المدني الايطالي ( ١٤١٤ ـ ١٤١٩ ) وتقنين الالتزامات السويسري ( المواد ١٥٧ ـ ١٨٣ ) الى جانب حوالة الحق حوالة الدَّين » (١).
وبعد نقل كلام الدكتور السنهوري لمعرفة النقاط الثلاث التي ذكرناها ، نعرف الموازنة بين النظرية الاسلامية للدّين ، والنظرية المقابلة ، فان الاسلام ـ كما تقدم ـ قد عرف حوالة الدَّين وحوالة الحق مباشرة وأقرهما من دون أن يتطور في معرفتهما كما حصل ذلك في القوانين البشرية ، والاسلام في نفس الوقت الذي عرف فيه كلتا الحوالتين لم يعترف بانتقال ديون الميت الى الوارث ، لكنه اعترف بانتقال الحق اليه ، وهذا كله تقدم ، وتقدم بيانه ومعرفة حكمته وعلَّته.
٢ ـ التداين ونظرة الاسلام اليه من الناحية الاخلاقية
ومن أجل تكميل البحث ، ولأنَّ الاسلام هو نظرة الى الحياة شاملة للنواحي الاقتصادية والاخلاقية وغيرها من نواحي الحياة ، رأينا من المناسب ان نتطرق الى نظرة الاسلام الى التداين من الناحية الاخلاقية ، ومقارنتها مع النظرية المقابلة ،
__________________
(١) الوسيط ، ج ٣ ، فقرة ٢٣٧ ـ ٢٣٩ ، ص ٤١٤ ـ ٤١٩.