اعتباري الى القول بانها أمر وجودي مادي ، فقال فخر الاسلام اليزدوي : « إن الذمّة نفس لها عهد » ثم أوضحه بان ذلك من قبيل المجاز باطلاق اسم الحال ( وهو العهد على المحل اي نفس الانسان ) ، ثم شاع هذا الاستعمال فأصبح حقيقة عرفية (١).
وهذا التعريف وقع صاحبه فيما فر منه ( وهو الافتراض ) اذ أن تعلق الديون بالانسان لا يكون إلاّ اعتباريا ، فصاحب التعريف حوّل التعريف من افتراض المحل الى افتراض التعلق.
خامساً : وهناك تعريف خامس يفرّ من القول بأن الذمّة شيء افتراضي ، ويقول : بان الذمّة في لسان الفقهاء لم تخرج عن أصل معناها اللغوي وهو العهد (٢) ، فليس معنى قول الفقهاء « ثبت في ذمّة فلان كذا » إلاّ أنه ثبت بعهده او فيما تعهد به او التزمه. ويكفي لثبوت الواجبات ان الشارع كلَّفه بها.
وضُعف هذا القول واضح لانتقاضه بالصغير والمجنون اللّذين لا يصح منهما عهد مع أن الحقوق تثبت عليهما ولو لم يكن لهما ، مال حيث تستوفى متى امتلكا مالا ، كما ينتقض بالكبير العاقل اذا اتلف مال غيره من دون وعي فانه يتعلق بذمته الضمان مع عدم وجود تعهد سابق بالضمان.
الذمّة ـ في الحقيقة ـ هي : « وعاء اعتباري افترضه العقل للاموال الرمزية ( التي لا وجود لها في الخارج ) كي يكون موطناً لتلك الأموال التي تتَّخذ كرمز للاموال
__________________
(١) كشف الاسرار ، شرح اصول البزدوي ، ج ٤ ، ص ٢٣٩ عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٩.
(٢) سمي العهد بالذمة لان نقضه يوجب الذم ، ومن ذلك قول النبي صلىاللهعليهوآله في حديث شريف : « المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم ».