هو أمر تقتضيه استقامة منطق الاحكام وتخريجها وتأصيلها.
والآن ـ بعد ان مهّدنا لمعرفة فوائد الذمة في التشريع ـ نشير الى الفرق بين الذمة والعهدة في الفقه الشيعي فنقول :
لقد فرّق الشيخ النائيني قدسسره بين الذمّة والعهدة فقال على ما هو المنقول عنه : « إن العهدة وعاء للأموال الخارجية ، والذمّة وعاء للأموال الكليّة » (١).
وهذا مأخوذ مما يقال في الفقه من أن الغاصب مادامت العين موجودة لم تنشغل ذمّته بشيء وانما كان على عهدته أن يَرُدَّ المال ، واذا تلفت العين انشغلت ذمّته بالبدل الكلي (٢).
واُشكل عليه :
١ ـ فيما قد يكون في العهدة أداء مال ما من دون تعيين مال خارجي ، ورغم كليَّة هذا المال لا يكون شاغلا للذمّة ، كما في نفقة الاقارب الواجبة على الانسان.
٢ ـ ربما يكون المال الكلّي مرتبطاً بالعهدة ، كما في من أتلف مال غيره ، فقد انشغلت عهدته بالمال حيث يجب عليه افراغ ذمّته وأداء المال.
إن الفرق الجوهري عند الشهيد الصدر بين الذمّة والعهدة هو : « إن الذمّة
__________________
(١) (٢) منية الطالب في حاشية المكاسب ، تقريرات الميرزا النائيني ، بقلم الحاج الشيخ موسى الخوانساري ج ١ ، ص ١٤٥ « فإنَّ العين التالفة لا يمكن دخولها في الذمّة رأسا ، فانَّ الذمَّة ظرف للكلّيّات لا الأعيان ، فتلف العين موجب لسقوط الخصوصيّة الشخصيّة ، وهذا بخلاف تذُّر المثل فانه لا وجه لسقوطه عن الذمة » وفي ص ١٤١ « فانه لو تعذَّر العين لا ينتقل في العهدة الى القيمة ، بل تبقى نفس العين في العهدة ». وايضا في تقريرات الميرزا بقلم الشيخ الآملي نفس المعنيين » ، ج ١ ، ص ٣٥٢.