٣ ـ الذمّة لا تموت بموت الانسان
فعلى هذا الذي تقدم من معنى الذمّة « انها وعاء اعتباري ... » وعلى ما تقدم من معنى الدّين « بانه مال موجود في الذمّة » فيرى فقهاء الشيعة ان ذمّة الشخص لا تموت بموته حيث انها وعاء اعتباري قابل للبقاء حتى بعد الموت ، ولذا لا حاجة الى قيام الوارث مقام المورّث في الدَّين ، لان الوارث انما يقوم مقام المورث في ما يكون المورّث ميتاً بلحاظه ، وهذا هو الحال بلحاظ الأموال الخارجية للمورّث ، وبلحاظ ما كان يطلبه من غيره ( انتقال الحق ).
أما بلحاظ الديون الثابتة على الميت فذمّة الميت باقية على حالها مالم يوفّ دينه ولا مجال لقيام الوارث مقامه ويوفى دينه من تركته ثم يورث المال كما قال تعالى : ( من بعد وصية يوصى بها او دين ).
اذن فالاسلام يقول لا علاقة لدين الميت بالورثة ، وتبقى ذمّة الميت مشغولة بالدَين للآخرين ، فيتمكن أن يتبرع عنه متبرع في اداء ما على ذمّة الميت فتفرغ حينئذ ، وقد يبرئه الدائن فتفرغ الذمّة ايضا ، كما يمكن ضمانها وعند التبرع والابراء والضمان (١) تنتهي ذمّة الميت ، حيث ان العقلاء لا يعتبرون ذمّة بعد ذلك.
هذا وقد أقر الشارع المقدس هذا الفهم العقلائي للذمّة ، فقد وردت الروايات الكثيرة عن ائمة أهل البيت عليهمالسلام تقرر ما اعتبره العقلاء موجوداً حتى بعد الموت ، فمن تلك الروايات :لأنهم ليسوا بصدد بيان معنى الذمّة والعهدة ، بل بصدد بيان امر آخر فيقرون المعنى بما يتسامح به ، ولذا نراهم عندما يتعرضون لتعريف لذمّة يذكرون ذلك الفرق بينهما وبين العهدة كما ذكرنا.
__________________
لأنهم ليسوا بصدد بيان معنى الذمّة او العهدة ، بل بصدد بيان امر آخر فيقربون المعنى بما يتسامح به ، ولذا نراهم عندما يتعرضون لتعريف لذمّة يذكرون ذلك الفرق بينها وبين العهدة كما ذكرنا.
(١) المراد بالضمان هنا هو معناه الشيعي « نقل المال من ذمّة الى ذمّة ثانية » لا بمعنى ضم ذمّة الى ذمّة كما هو عند العامّة ، وحينئذ اذا ضمن انسان ما في ذمّة الميت فقد برأت ذمّة الميّت من الدَين.