الثاني : انما لاتباع دار السكنى واشباهها في أداء الدَين مادام المدين حياً ، اما لو مات المدين ولم يترك غير دار سكناه ، او شيئاً من ثيابه ، او دابته او خادمه ، وكان دَينه مستوعباً لما تركه ، فهنا تباع هذه الأشياء وتصرف في أداء الدَين لاجل تفريغ ذمة الميت. وهذا واضح لا يحتاج الى دليل بعد الآية القرآنية القائلة : ( من بعد وصية يوصي بها او دَين ) (١).
الخلاصة : ان الميزان لبيع الدار وكذا الخادم والثياب واشباهها هو عدم الاحتياج اليها وهو معنى اليسر ، والميزان لعدم وجوب بيع الدار هو الاحتياج وهو معنى العسر ، والامثلة التي ذكرتها الروايات لا تخرج عن كونها أمثلة لما يحتاج اليه الانسان في ذلك الزمان ، اما في زماننا هذا فان الامثلة قد تكثر وقد تتبدل كما في الدابة فان العربة تقوم مقامها في هذه الازمنة ، وقد يكون الانسان محتاجا في أيامنا هذه الى الهاتف والراديو والمسجل واشباه ذلك كثير ولا يمكن حدّه بأمثلة معدودة ، فالاولى ما ذكرناه من الميزان المتقدم من الحاجة الى الشيء بحيث يصعب عليه تركه فهو ميزان الاعسار الذي لا يباع في الدَّين ، ومن عدم الحاجة الى الشيء بحيث يتمكن من تركه بسهولة فهو معنى اليسر الذي يباع في الدَّين.
نقول : لا يلزم ذلك ، بل يجوز له أن يأكل ماشاء ( بشرط ان لا يؤدي الى الاسراف المحرم ) فقد روى علي بن اسماعيل عن رجل من أهل الشام أنه « سأل الامام أباالحسن الرضا عليهالسلام عن رجل عليه دين قد فدحه وهو يخالط الناس وهو يؤتمن ، يسعه شراء الفضول من الطعام والشراب ، فهل يحل له ام لا ؟ وهل يحل ان يتطلع من الطعام ام لا يحل له إلاّ قدر ما يمسك به نفسه
__________________
(١) النساء ، ١١.