عصمته عن المعصية وصونه عن المخالفة.
ومن هذه الأدلة أيضاً قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلاّ ليطاع بإذن الله ... ) (١) فكون الرسول مطاعاً هو غاية للارسال ، وهذا يستدعي بالملازمة البيّنة تعلق ارادته تعالى بكل مايطاع فيه الرسول ( قوله أو فعله ) حيث إن كلاً منهما وسيلة متعارفة في التبليغ ، وحينئذ لو تحقق من الرسول خطأ في فهم الوحي ، أو في التبليغ ، أو في معصية ما ، لكان ذلك ارادة من الله تعالى للباطل ، بينما الله سبحانه و تعالى لا يريد إلاّ الحق.
ومنها أيضاً قوله تعالى : ( رُسلاً مبشرينَ ومنذرينَ لئلا يكونَ للناس على الله حُجّةٌ بعد الرسل ... ) (٢) فالله تعالى يريد قطع عذر الناس فيما فيه المخالفة و المعصية ، و بما أنه لاقاطع لعذرهم إلاّ الرسل عليهمالسلام ، ومن المعلوم أن قطع الرسل عذر الناس إنما يصح إذا لم يتحقق من ناحيتهم مالا يوافق ارادة الله ورضاه ( من قول أو فعل أو معصية ) وإلاّ إذا لم يتحقق من ناحيتهم مالا يوافق ارادة الله يكون للناس أن يتمسكوا به ويحتجوا على ربّهم سبحانه ، وهذا نقض لغرضه تعالى.
نقول : و بعد هذه النبذة من الأدلة على عصمة النبي و بقية الأنبياء ، هل يسوغ للشيخ النمر أن يقول أن النبي صلىاللهعليهوآله قد اجتهد في المعاملات الدنيوية ؟! وهل المعاملات الدنيوية إلاّ وقائع لها أحكام من قبل الله تعالى قد بيّنها سبحانه على لسان نبيّه الكريم ؟ وإذا كان هذا حقاً فهل يمكن أن يكون كلام النبي غير حق حتى يسوغ للنمر أن يخالف النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ؟!.
نعم ، حدثت مخالفات للنبي الأكرم بعد وفاته من قبل بعض الصحابة ، ولكن هذا ليس دليلاً لجواز مخالفة النبي الأكرم في أحكام الله ( المعاملات و السياسات وغيرها حتى العبادات ) ، بل إن هذاعمل غيرصحيح قام به هؤلاء لأنه ردّ على رسول
__________________
(١) النساء / ٦٤.
(٢) النساء / ١٦٥.