نطقه صلىاللهعليهوآله ولكن بقرينة خطابه للمشركين وهم يرمونه ـ في تشريعاته والقرآن الذي يقرؤه على العباد على انه من الله ـ بانه كاذب متقوّل مفتر على الله سبحانه ... الخ ، كان المراد بقرينة المقام انه صلىاللهعليهوآله ما ينطق عن الهوى فيما يقول من أمر الشريعة ( القرآن والاحكام ) بل هو وحيٌّ يوحى اليه من الله سبحانه.
هناك روايات فوّضت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر الخلق ليسوس الناس والاُمة بالعدل والحق ويحكم فيهم بما أراد الله سبحانه ، قال تعالى : ( أطيعوا الله واطيعوا الرسول واُولي الأمر منكم ... ) ، وفوّض الله سبحانه الى رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر الدين في ناحية خاصة وفي منطقة فراغ معينة ليململأها بنفسه فملأها صلىاللهعليهوآله وأقرّه الله سبحانه وتعالى على ذلك ، وقال تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ؛ فمثلاً ورد انّ النبي صلىاللهعليهوآله سأل ربّه في ان يخفف جَعْلَ عدد الصلاة على امته ، فجعلها خمس صلوات ثم فوّض اليه أن يزيد عليها ، فزاد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأقره الله عليها. وكما ورد في حرمة الخمر : ( ... انّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان ... ) (١) وفوّض الى النبي صلىاللهعليهوآله أن يزيد فحرّم رسول الله صلىاللهعليهوآله كل مسكر وأقرّه الله تعالى عليه : وهذا التفويض من قبل الله سبحانه وتعالى لرسوله صلىاللهعليهوآله هو في دائرة خاصة فملأها رسول الله صلىاللهعليهوآله بنفسه ؛ فما دلّ عليه الدليل بان الله سبحانه قد فوّض الأمر فيه الى النبي صلىاللهعليهوآله وأقرّه على تشريعه يثبت فيه حق النبي في تشريع بعض الاحكام التي ترجع في النهاية الى مشرِّعية الله تعالى بعد اقراره عليه.
واليك بعض الروايات الدالة على ذلك :
١ ـ صحيحة الفضيل بن يسار ، فقد روى الكليني عن علي بن ابراهيم عن
__________________
(١) المائدة : ٩٠.