وهذا قد وقفت منه النصوص الشرعية ، قرآنية وروائية ، موقفاً حاسماً. فمن الآيات القرآنية قوله تعالى : ( الّذينَ يأكلونَ الرِّبا لا يقومونَ إلاّ كما يقومُ الذي يتخبَّطُهُ الشيطان من المسِّ ، ذلك بأنَّهم قالوا إنّما البيعُ مثلُ الرِّبا وأحلَّ الله البيعَ وحرّمَ الربا ، فمن جاءه موعظةٌ من ربِّه فانتهى فلهُ ماسلف وأمره الى الله ومَنْ عادَ فاولئك أصحابُ النارهُم فيها خالدون * يمحقُ الله الرِّبا ويُربي الصَّدقاتِ والله لايُحبُّ كُلَّ كفار أثيم ... يا أيُّها الّذينَ آمنوا اتَّقوا الله وذروا مابقي مِنَ الرِّبا إن كُنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بِحرب من الله وروسوله وإن تُبتم فلكُمْ رؤوسُ أموالكم لا تَظلِمونَ ولا تُظلَمون ) (١).
وأما الروايات المانعة فهي كثيرة سوف نعرض قسماً منها فيما بعد.
إذن ، الاسلام لم يوافق على أن يكون رأس المال مكسباً على نحو اجارة الدور أو الآلات التي تدخل في الانتاج وتُؤخذ الأجرة عليها.
ولسائل أن يسأل : إذن كيف يتمكن المالك لرأس مال نقدي أن ينميه ؟
الجواب : إن رأس المال النقدي قد جعل له الاسلام طريقاً للتنمية ، وذلك بدخوله في التجارة « إما أن يتاجر فيه صاحبه ، وإما أن يعطيه لمن يتاجر به ، على أن تكون نسبة مئوية لصاحب المال ونسبة مئوية أيضاً للعامل » وإذا خسر المشروع فلا يجوز أن يجبر العامل على تحمل الخسارة ، وإنما حدد الشرع الخسارة على صاحب المال النقدي ، أما العامل فقد خسر عمله ، وهذه العملية هي التي تسمى بالمضاربة أو القراض ، وهي عقد شرعي قد أجازه الشارع لتنمية رأس المال النقدي. وهذا المعنى للمضاربة الذي أحلّه الشارع هو المعنى اللغوي للكلمة ، ومعنى المضاربة في اللغة هو « اتجار انسان بمال غيره (٢) ». وفي مجمع البحرين : « المضاربة : مفاعلة ، من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة (٣) » ، ومن أراد
__________________
(١) البقرة / ٢٧٥ إلى ٢٧٩.
(٢) المؤتمر الثاني لجمع البحوث الاسلامية / د. محمد العربي ، ص ٨٣.
(٣) ج ٢ باب ضرب ، ص ١٠٧.