التوسع فعليه مراجعة كتابنا : « الربا فقهياً واقتصادياً » لمعرفة شروط المضاربة بتفاصيلها وعناصرها المهمة الدخيلة في تكوينها (١).
وفي الحقيقة : إن المضارب عامل يعمل بأموال غيره ، فعندما يحولها الى أعيان بالشراء ويبيعها ، فكل الربح يكون لصاحب المال حيث إن ماله قد تحول الى مال آخر ، فيستحق كل الربح ، وبما أنه قد تعهد أن يعطي للعامل نسبة من الربح ، فهو في الحقيقة قد تنازل عن شيء من أمواله التي يملكها لهذا العامل حسب الاتفاق السابق في العقد ، كما أن للعامل أن لايوافق على عقد المضاربة ، بل يتفق مع صاحب المال على العمل في التجارة بأموال صاحب المال لقاء أجر ثابت ، وبذلك يدفع عن نفسه احتمال الخسارة في عمله ، وقد أجاز الشارع المقدس لعمل العامل كلا الطريقين ، ولكن يمتاز طريق الأجر بعنصر الضمان على أجره بقطع النظر عن نتائج العمل وما يسفر عنه الانتاج من مكاسب أو خسائر. وأما طريق المشاركة في الأرباح بنسبة مئوية ، بأمل الحصول على مكافأة أكبر ، فحقيقته أن العامل قد ربط مصيره بالعملية التي يمارسها وفقد بذلك الضمان ، اذ إنه من المحتمل أن لا يحصل على شيء إذا لم يربح المشروع التجاري ، ولكنه في مقابل تنازله عن الضمان يفوز بمكافأة منفتحة ، غير محددة ، تفوق الأجر المحدد في أكثر الأحيان. وهذا الأسلوب الثاني نظم الاسلام أحكامه عن طريق عقد المضاربة ، ومثلها المزارعة والمساقاة والجُعالة. والذي يهمنا هنا هوالمضاربة ، فمن الأدلة على جوازها شرعاً صحيحة الحلبي ، عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « المال الذي يعمل به مضاربة له من الربح وليس عليه من الوضيعة شيء إلاّ أن يخالف أمر صاحب المال (٢) » وصحيحة الحلبي الثانية عن الامام الصادق عليهالسلام أنه قال : « في المال الذي يعمل به مضاربة له من الربح وليس عليه من الوضيعة شيء ، إلاّ أن يخالف أمر صاحب المال ،
__________________
(١) ص ٤٣٥.
(٢) وسائل الشيعة / ج ١٣ / باب (١) من أبواب المضاربة / ح ٤ ص ١٨١.