أظن أن الدكتور النمر قد تأثر أو أثر في كتابات هذا المستشرق المؤرخ الذي تطرق لقضايا العلم والفقه ، وقد ناقشنا هذا الأخير أيضاً في كتابنا المتقدم ذكره ، فراجع (١).
وممن ذهب الى ذلك أيضاً الشيخ محمد عبده أو تلميذه السيد محمد رشيد رضا الذي كان كثيراً مايخلط كلام استاذه بكلامه (٢). وغير هؤلاء من العلماء.
ذكر بعضهم فرقاً بين ربا القرض والربا الجاهلي فقالوا : إن الربا الجاهلي عبارة عن معاملة مخصوصة تختلف عن معاملات الربا التي كافحتها الشرائع السماوية وغيرها وما زالت مورد تعامل عند الناس ، فيقول بعض الفقهاء : ان الربا الجاهلي هو ما أشارت اليه آية : ( يا أيُّها الّذينَ آمَنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مُضافعةً وأتَّقوا الله لعلكم تُفلحون وأتَّقوا النار التي اُعدَّت للكافرين ) (٣) وربما يستدل أو يؤيد هذا الرأي ما روي عنهم بعبارة : « أتقضي أم تربي » التي تدل على أن الزيادة تحصل الآن ، وهذا يختلف عن الربا المتعارف الذي تكون فيه الزيادة من أول الأمر عند عقد القرض ، وإليك الآثار التي تدل على هذا التمييز.
منها : أخرج هذا الأثر جلال الدين السيوطي ، ونصه : « وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد ابن جبير في الآية قال : إن الرجل كان له على الرجل المال ، فاذا حلّ الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول المطلوب أخّر عني وأزيدك في مالك ، فيفعلان ذلك ، فذلك الربا أضعافاً مضاعفة » (٤).
__________________
(١) ص ٤٠٢ وما بعدها.
(٢) « نظرية الربا المحرم في الشريعة الاسلامية » ابراهيم زكي الدين بدوي ص ٢٦٧.
(٣) آل عمران / ١٣٠ ـ ١٣١.
(٤) « الدر المنثور » للسيوطي ج ٢ ص ٧١.