وقد يقال : ان المال الذي قدمه الرأسمالي الى المدين ( قد هبطت قيمته التبادلية ) فالربح والفائدة هو عبارة عن قيمة هذا الهبوط ، فيكون جائزاً.
والجواب : صحيح انه في بعض الحالات تكون القيمة التبادلية للدينار أكثر منها في وقت آخر ، وقد يكون العكس صحيح ، فاذا كانت القيمة التبادلية للدينار تساوي مائة كيلو من الحنطة ثم تحسنت فكانت تساوي مئتي كيلومن الحنطة ، فهل يرضى الدائن بأن يأخذ نصف دينار على ديناره الذي أسلفه للمدين بحجة أن القيمة التبادلية للدينار قد تحسنت ؟! والجواب : إن المدين لا يرضى بذلك لأنه إنما أقرض الدينار فهو يريده بنفسه سواء نزلت قيمته التبادلية أو صعدت ، فان هذا النزول أو الصعود هو تابع الدينار نفسه ولمالكه ، ولا يجوز أن يتحمل النزول فرد آخر ، كما لا يجوز أن يستفيد من الصعود غير صاحبه المالك له.
ثم : لماذا لانقول هذا الكلام عندما أؤجر بيتي لفلان بخمسين ديناراً ثم تهبط قيمة البيت فهل يجوز أن نقول إن المستأجر يتحمل قيمة الهبوط ؟! وبعكس ذلك إذا صعدت قيمة البيوت ، فإنه لا يجوز للمستأجر أن يقول : أنا أستحق نصف قيمة الصعود ، إذ إن صعود قيمة السلعة أو هبوطها نتيجة لأوضاع خاصة لا ربط لها بالمقرض أو المستأجر. وعلى هذا الأساس إذا نزلت أسعار النقود في السوق ، إلاّ أن هذا لا يكون استهلاكاً للعمل المختزن في النقد وقد انتفع به المستقرض حتى يجب عليه تعويضه ، بل إنَّ العمل المختزن في النقد لا يزال كما هو لم يتفتت ولم يستهلك وإنما العمل يكون قد حصل على كسب بدون سبب ، أي حصل صاحب النقد على كسب من دون أن يستهلك من عمله المختزن شيئاً خلال عملية الانتفاع ، وهذا ما يرفضه الاسلام حسب النهي عن كسب بدون عمل.
لقد تعرضنا في كتابنا « الربا فقهياً واقتصادياً » الى مضار الربا ، وذكرنا أن له مضاراً من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ، ومن ناحية المرابي ومن