إذا اقترض الفرد شيئاً من المثليّات المتقدّمة بأقسامها الثلاثة ، فبما أنّ القرض معناه : « تملّك الشيء مع ردّ عوضه في غير المجلس غالباً » أي حسب المدّة المتفقة بين الطرفين إن كانت. فهنا يكون المقترض قد أقدم على ضمان ما في ذمّته من هذا المثلي ، فلنفرض أن المقترض قد اقترض خمسة كيلوات من الحنطة لمدّة شهر واحد ، فهو مسؤول عن ضمان هذا المقدار المثلي بعد الشهر الواحد ، سواء كانت قيمة الحنطة قد ارتفعت نتيجة تدهور حالة الطقس وهجوم الجراد على المزارع ، أو كانت الدولة قد جمعت الحنطة لأجل تصديرها إلى دولة اُخرى ، أو قد جمعها المحتكر يترقّب بها الغلاء ، وقد تكون الحنطة قد تدهورت قيمتها نتيجة تحسّن الطقس وهبوط الأمطار الملائمة للزراعة ، أو استوردت الدولة كميّات كبيرة من الحنطة ، أو منعت وعاقبت المحتكرين فنزلت الحنطة من مستودعات المحتكرين إلى السوق. وكلّ الروايات الواردة في اقتراض المثليّات تؤكّد على وجوب ارجاع المثل ( بصفاته وقدره ) ، ولا توجد أي رواية تقول بوجوب ردّ عوض ما يمكن أن يشترى بالقرض في زمن القرض ، بل كلّ الروايات تقول بوجوب ردّ عوض القرض ( بصفاته وكميّته ). ونفس هذا الكلام نقوله بالنسبة للذهب والفضّة أو الأوراق النقديّة إذا كان أحدها هو المال المقتَرض. بل لا يخفى على علماء الإسلام أنّ وجوب ردّ أكثر ممّا اقترض من الناحية الكميّة أو من الناحية الوصفيّة هو الربا الذي نهانا عنه القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة ، فأنّى تذهبون ؟!
وقد يقال : إنّ الأوراق النقديّة أو الحنطة والسكر قد تنخفض قيمتها بعد شهر فيتضرّر المقرِض نتيجة معاملته هذه.
والجواب : إنّ هذا الضرر على فرض تحقّقه ، هو الذي أقدم عليه فلا يكون مضموناً على المقترض ، كما إنّ العكس قد يكون صحيحاً ، إذ قد ترتفع قيمة الأوراق النقديّة أو الحنطة أو السكّر ، فهل يصح في هذه الصورة أن يقال