الجمهور المستهلك ، فيعم الكساد البلاد.
وبعد هذه المشاكل والمفاسد جاءت المفسدة الكبرى ، إذ أصبح النقد أداة لتنمية المال من طريق الفائدة « الكسب من دون عمل » ، فأخذ المكتنز يقرض ماله للأفراد بفائدة أو يودعه البنك فيحصل على الفائدة ، وبهذا أصبح النقد بعيداً عن دائرة الإنتاج لأنّ البنك أيضاً يقرض أمواله بفائدة ، وأصبح التاجر أو البنك لا يقدم على عمل تجاري أو صناعي إلاّ إذا اطمأنّ بأنّ ربحه أكثر من الفائدة التي يحصل عليها من دون عمل.
ثمّ إنّ مجموع هذه المشاكل التي نتجت ( من دور النقد وظلم الإنسان ) جعلت زمام الاُمور بيد الرأسمالي ( صاحب الأموال ) وطبيعي أنّ الرأسمالي الظالم إذا سيطر على زمام الاُمور يجرّ المجتمع إلى ويلات كبيرة ذكرها علماء الإقتصاد ، وقد جاء في الحديث عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم » (١).
على عكس الرأسماليّة التي تشجّع على الإدّخار والإكتناز والقرض بفائدة بتشريعها ، فيكون النقد أداة للتنمية من دون عمل ومن دون إستهلاك فيه ، فإنّ الإسلام يحارب أشدّ المحاربة أن يكون النقد أداة لتنمية المال ، فحرّم الفائدة تحريماً قاطعاً لا هوادة فيه ، وجعل ضريبة الزكاة على النقد الذهبي والفضّي المكتنز ، وحثّ على الإنفاق في مجال الإستهلاك والإنتاج ، فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام « إنّما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لتوجهوها حيث وجهها الله ، ولم يعطكموها لتكنزوها » (٢) ، وبهذا يكون الإسلام قد قضى على مشكلة
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها ، ح ٦ ، ص ٣١٦.
(٢) الكافي للكليني : ج ٤ ، باب وضع المعروف موضعه ، ح ٥ ، ص ٣٢.