إن عملية المضاربة التي قلنا إنها معاملة شرعية ، يستحق صاحب المال ( النقد ) على نقده ربحاً ، كيف نفسر استحقاق صاحب النقد للربح ؟ قد يقال : إن المالك للمال انما يستحق الربح في عقد المضاربة نتيجة عامل المخاطرة الذي أقدم عليه ، وسلم امواله الى العامل ليتاجر بها ، فهو قد خاطر في امواله ( بهلاكها وتلفها ). ولكن نقول : إن هذا التفسير خطأ فاضح وتوضيح ذلك : إن الربح الذي يحصل عليه المالك للمال في عقد المضاربة هو نتيجة اتجار العامل بأموال المالك ، فالمالك للمال عندما يسلّم امواله الى العامل ليتّجر بها لم تخرج تلك الاموال عن ملكه وحينئذ يصبح مالك المال هو المالك لما يشتريه العامل بهذه الاموال ، نعم ان هذه السلع المشتراة بنقد المالك تزداد قيمتها غالباً بعمل العامل الذي ينفقه على السلعة من نقلها الى السوق واعدادها بين أيدي المستهلكين ، ولكن تبقى السلعة هي ملك لمالك النقد ، للقاعدة القائلة : « ان كل مادة لا تخرج عن ملكيتها لصاحبها بتطوير شخص آخر لها » كما في الصوف الذي يملكه زيد إذا غزله شخص آخر فهو لا يخرج عن ملك زيد رغم زيادة قيمته بواسطة عمل عامل فيه ، وهذا ما اُطلق عليه في الفقه الإسلامي : « ظاهرة الثبات في الملكية » وعليه ادلة كثيرة من الشارع المقدس لسنا الان بصدد ذكرها.
وبهذا اتضح أن حق صاحب المال في الربح في عقد المضاربة هو نتيجة ملكية صاحب النقد للسلعة المشتراة بامواله ، وقد باعها العامل وربح عن طريق بيعها فهو نظير حق مالك اللوح في السرير الذي يصنع من لوحه. واتضح ايضا أن صاحب المال في عقد المضاربة يستحق هذا الربح وان لم يمارس اي لون من الوان المخاطرة كما إذا اتجر شخص بأمواله من دون علمه وربح في تجارته ، فان بامكان صاحب المال في هذه الحالة أن يوافق على ذلك ويستولي على الارباح ، وهذا الحق لا يقوم على اساس المخاطرة.