إن هذا المقام الذي نحن فيه يختلف عن الربا القرضي الذي هو ( الزيادة في مقابل الأجل في عقد القرض ) ، اذ هنا لا يوجد دائن ومدين وانما يوجد هنا بائع لقيمة الورقة التجارية المؤجلة ( بأقل من قيمتها ) حالاً ، فيكون المشتري منتظراً الزمان ليحصل على كل قيمة الورقة التي اشتراها بأقل ، وهذا لا بأس به لأنه ليس بربا (١).
اذن القاعدة الارتكازية والعرفية القائلة بأن الاجل يكون داعيا لزيادة الثمن ( إنَّ للأجل قسطاً من الثمن ) اذا طبقناها هنا ، فاشترى انسان هذه الورقة التجارية ( التي لها وقت محدد يأتي فيمابعد ) بأقل من قيمتها ، والمفروض انه لا يوجد هنا منع شرعي كما تقدم ، فلا بأس من صحة هذا العقد وهذا البيع. نعم ورد المنع من كون الزيادة في مقابل الأجل في موردين هما :
١ ـ القرض مع الزيادة في مقابل الأجل.
٢ ـ في البيع بشروط معينة ، كما اذا بعتُ مَنّاً من الحنطة نقدا بمنٍّ ونصف نسيئة ، فلا يجوز أن يكون نصف المن في مقابل الاجل.
اما في مقامنا : فقد قلنا إن الجواز هنا هو في غير ( المكيل او الموزون ) وفي غير ( الذهب والفضة ) بمثلهما وفي غير القرض ، فلا محذور من ناحية الربا اصلا.
هذا ما ذهب اليه المشهور من علماء الامامية رضوان الله عليهم.
ذهب السيد الشهيد الصدر رحمهالله (٢) الى أن عملية بيع وشراء « سند الدين » او
__________________
(١) نحن نتكلم على مسلك المشهور المجمع عليه تقريبا من أن النقد الورقي ليس حكمه هو حكم النقدين ( الذهب والفضة ) وهو التقابض في مجلس البيع ، بل حكم الاوراق النقدية هو جواز بيع دينار بتومان في الذمة إن صدق عليه أنه بيع ، فلا يشترط التقابض في مجلس العقد.
(٢) يراجع البنك اللاربوي في الاسلام ، ص ١٦٢ و ١٧٥.