ورُوي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال أقضاكم عليّ عليهالسلام (١). وإذا أردت بيان فضائله على التفصيل وحصر عددها فقد طلبت محالاً ، كما أذنت به الرواية السابقة (٢) ؛ لكن نُشير إلى بعضٍ منها.
وما أحسن قول الشافعي في هذا الباب ، حيث قيل له : صف لنا عليّاً عليهالسلام ، فقال : ما أقول في رجل أخْفَتْ أعداؤه مناقبه حسداً ، وأولياؤه خوفاً ، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين» (٣).
ولقد أجاد ابن أبي الحديد المعتزلي حيث قال : ما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه بالفضل ، ولم يمكنهم جحود مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، وقد علمت أنّه استولى بنو أُميّة على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكلّ حيلة أن يطفئوا نوره ، والتحريف عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا رواية حديث يتضمّن له فضيلة أو يرفع له ذكراً ، حتّى منعوا أن يُسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموّاً ، كالمسك كلّما سُتر انتشر عرفه ، وكلّما كُتم تضوّع نَشرُه ، وكالشمس لا تُستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة أُخرى.
وما أقول في رجل تُعزى إليه كلّ فضيلة ، وتنتمي إليه كلّ فرقة ، وتجاذبه كلّ طائفة ، فهو رأس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجلّي حليتها ، كلّ من بزغ فيها فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى وانتهى (٤).
وإن أردت تفصيل بعض فضائله : فأوّلها : الإخبار بالمغيبات ، وهو القائل سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن فئة تضلّ بآية وتهتدي بآية ، إلا نبّأتكم بناعقها
__________________
(١) مجمع الزوائد ٩ : ١١٤ ، المناقب للخوارزمي : ٨١ ح ٦٦ بلفظ آخر.
(٢) أي ما رواه أخطب خوارزم في مناقبه ، وقد تقدّم آنفاً.
(٣) مقدّمة المناقب للخوارزمي : ٧ (طبع مكتبة نينوى الحديثة طهران) ، الأنوار البهيّة للمحدّث القمّي : ٧١.
(٤) شرح نهج البلاغة ١ : ١٦.