وأمّا حسن الأخلاق وطلاقة الوجه
وهي معروفة فيه ، حتّى عابه أعداؤه! وقد قال في ذلك عمرو بن العاص : إنّه ذو دعابة شديدة ، وقد أخذها من عمر ، حيث قال لعليّ عليهالسلام : لله أبوك لولا دعابة فيك (١).
وقال معاوية لقيس بن سعد : رحم الله عليّاً كان هشّاشاً ، بشّاشاً ، ذا فكاهة. فقال قيس : كان رسول الله يمزح ويتبسّم مع أصحابه ، إنّه والله لكان من تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبد قد مسّه الطّوى ، تلك هيبة التقوى ، لا كما يهابك طغاة أهل الشام (٢).
قال ابن أبي الحديد : وقد بقي هذا الخُلُق متوارثاً في محبّيه إلى الان ، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الأخر (٣).
وأمّا حاله سلام الله عليه في الرأي والتدبير وحسن السياسة ؛ فمعلوم لمن تأمّل في مواقعه ومشاهده ، وخصوصاً ما صدر بعد استقامة الأمر له.
وكانت تعظّمه الفلاسفة ، وتصوّر ملوك الإفرنج والروم صورته في بِيَعها وبيوت عباداتها ، حاملاً سيفه مشمّراً للحرب ، وتصوّرها ملوك الترك والديلم على أسيافها ، وكانت على سيف عضد الدولة بن بويه ، وسيف ابنه ركن الدولة ، وعلى سيف آلب أرسلان ، وسيف ابنه ملك شاه.
وأمّا السخاوة والجود
فحاله فيه ظاهر ، كان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده.
وروى أنّه لم يملك إلا أربعة دراهم فتصدّق بواحدة ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سرّاً ، وبدرهم علانية (٤).
__________________
(١) المصدر السابق ، تاريخ المدينة المنوّرة ٢ : ٨٨٠ ، النهاية لابن الأثير ٢ : ١١٨ بتفاوت.
(٢) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٨.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٦.
(٤) التفسير الكبير للرازي ٧ : ٨٩ ، الكشّاف ١ : ٣١٩ ، المناقب للخوارزمي : ٢٨١ ح ٢٧٥ ، شرح نهج البلاغة ١ : ٢١ ، كشف الغمّة ١ : ١٧٧ ، ٣١٠. تفسير العيّاشي ١ : ١٥١ ح ٥٠٢ ، البحار ٤١ : ٢٥ ذ. ح ١ ، البرهان في تفسير القرآن ١ : ٢٥٧ ح ٤ ٧.