اهتدى بذلك إلى مراد ربّه.
فمن علم بمقتضى عقله صفة تقتضي الندب أو الإباحة أو الإيجاب أو الوضع أو الكراهة أو التحريم ، حكم بمقتضاها من غير حاجة إلى المرشد ؛ فإنّها مبنيّة على صفتي الحسن والقبح ؛ لكمالٍ أو نقص ، أو موافقةٍ للغرض أو مخالفة ، أو ملاءمة للطبع أو منافرة ، أو استحقاق مدحٍ أو ذمّ ، إمّا مقوّمتان للذات كما في العدل والظلم والخير والشرّ ، أو عارضتان لها من حيث هي هي ، أو من حيث التأثير (بالعقل) (١) ، أو لأُمور مفارقة قد تعارض ما تقّدم سوى المقدّم ، أو يعارض بعضها بعضاً (بسبب فاعل أو منفعل أو زمان أو مكان أو وضع أو غيرها) (٢) فينسخ الراجح المرجوح فلا تثليث.
ويجوز أن يكون الإظهار لمجرّد الاختبار ، ولكن هذا القسم وإن جاز عقلاً ، لكن ينفيه ظاهر الكتاب والأخبار.
فمن علم بالصفة ضرورة وحصول ذلك العلم معلوم بالضرورة أو بالنظر اهتدى إلى معرفة الحكم المترتّب عليها ، فيهتدي من ذلك إلى تحسين الشارع وتقبيحه ، ثمّ إلى مساواته أو إلى محبته أو كراهته ، ثمّ إلى محبّة وجوده ، ثمّ إيجاده من المكلّف أو تركه ، ثمّ الإرادة منه ، ثم استحقاق المدح أو الذمّ على فعله أو تركه ، ثمّ الأمر به والنهي عنه ؛ وبذلك تقوم الحجّة ، ثمّ إلى استحقاق ثوابه أو عقابه ، ثمّ إلى فعليّة الثواب أو العقاب مع عدم العفو.
ومدار تحقّق الطاعة والعبادة والمعصية والإثم على الموافقة والمخالفة للإرادة.
ومن نظر في أحوال الموالي والعبيد ، وكلّ مطيع ومطاع مع عود النفع إلى الطرفين أو إلى أحدهما اهتدى إلى ما ذكرناه (٣).
ولا يفهم من قولهم : «لا نعذّبكم إلا إذا أرسلنا إليكم رسولاً ، ولا نؤاخذكم إلا بعد البيان» إلا إرادة أنّه مع الجهل بالإرادة لا تعذيب (٤).
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٣) في «ح» زيادة : ففي البداهة والظهور للإخفاء غنى عن الاستناد إلى لزوم إفهام الأنبياء.
(٤) في «ح» زيادة : وما ادّعي من وقوع الأمر بالقبيح في عدّة مردود بما لا يخفى.