عدم فهمه كلّمه بلسانه ، ولم يتجشّم أن يترجم (١) له بعد المخاطبة بما (٢) لا يفهمه ، ولو مع الاحتمال ، ويجري ذلك في السامعين له المطلوب أفهامهم ومن يصل إليهم الخطاب.
وإن علم فهمه ، إمّا لجامعيّته بين الموافق والمخالف ، أو لأنّه يفهم الخطاب ولا يستطيع ردّ الجواب ، بقي إنشاء الخطاب على عادته ، ولم يلحظ مصطلح المخاطب ، ولا مكان التخاطب ، ولا من يسمع الخطاب.
ولذلك لا ترى في الأخبار النبويّة والإماميّة ما يشتمل على غير العربيّة ؛ لأنّ من يتردّد من العجم إلى الأئمّة عليهمالسلام ليس إلا من العلماء والعارفين ؛ وهم يفهمون لسان العرب.
فإذا وردت علينا رواية خُوطب بها من لم يكن موافقاً باللسان وجهلنا المقام ، بنيناها على مصطلح الإمام عليهالسلام ، إلا أن تقوم قرينة على إرادة المخاطِب قرائن تدلّ على مراعاة المخاطَب والبلد ، أو السامعين.
ولا تنتقض هذه القاعدة إلا بحكم الشارع بطرح مدلولها ، وإخراجها عن مفادها ، وتنزيلها على غيره ، فتكون من قبيل الأسباب ، لا من مقتضيات الخطاب ، كحكمه بتنزيل الوصيّة بالجزء على العشر أو السبع ، والسهم على الثمن أو السدس ، على اختلاف القولين في المقامين ، ويقوى رجحان الأوّلين ، والشيء على السدس.
ولو لا حكم الشارع بالتنزيل لأغنى في العمل بالوصيّة الإتيان بأقلّ القليل (ولا يتسرّى الحكم إلى النذر وشبهه ، ولا الإذن والتوكيل) (٣).
وكحكمه بأنّ من نذر أن يتصدّق بمال كثير ، ينزّل الكثير في نذره على الثمانين ، وبأنّ من نذر أن يعتق كلّ مملوك قديم ، ينزّل القديم في نذره على من مضى على ملكيّته ستّة أشهر فصاعداً ، وبأنّ من نذر صوم زمان وأطلق ، نزّل على خمسة أشهر أو ستّة أشهر.
__________________
(١) في «ح» : يزحم.
(٢) في «س» ، «م» : لما.
(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».