ويقتصر على خصوص النذر بالتصدّق بالمال ، والصوم في زمان ، وبالإعتاق للمملوك أو الوصيّة بالمتعلّقات المخصوصة ، ولا تغني الترجمة فيها ، وفي وصف الكثرة والقدم بالعربيّة لا بغيرها ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.
ويقرب من ذلك ما إذا نذر التصدّق بجميع ماله ، ولا يسعه دفع الجميع ، فإنّه ينزّل على التصدّق بالتدريج حكماً. ويشبه ما ذكرنا تنزيل سكوت البكر على الرضا ، مع كونه أعمّ منه ، وتنزيل إطلاق المهر على مهر السنّة : خمسمائة درهم.
ولا يبعد إلحاق بيع جلد المصحف وورقه مثلاً ، ووصيّة المرتدّ عن فطرة قبل الارتداد بما يصنع له بعد الموت ، في الصنع له حيّاً ، والنيابة عنه فيما يناب به عن الأموات ، ولو كان من خصائص المسلم ؛ لأنّ كفره موته ، وقد أوصى قبله به.
(وكما يجري في الأقوال يجري في الإدراك والأفعال بالنسبة إلى الحكم الواقعي أو الظاهري) (١).
البحث الرابع
لمّا اتّضح أنّ فهم الخطاب مبنيّ على فهم اللغة أو العرف العام أو الخاص ، وكلّ واحدٍ مرأة للاخر في سائر اللغات ، فإن اتّضح الحال بالنسبة إلى زمان صدور الخطاب ؛ بأن عُرِفَ الحال بالنسبة إلى وقت الاستعمال ، لزم البناء على ذلك العرف ولا اعتبار بغيره ؛ فخطاب كلّ وقت محمول على عرفه.
فإن علم الاتّحاد فلا بحث ، وإن جهل الحال في أحدهما وعلم الأخر بُني المجهول على المعلوم ؛ فما صدر من الأوائل محمول على العرف المعلوم عند الأواخر ، وبالعكس.
وإن علم اختلافهما كان خطاب كلّ وقت محمولاً على عرفه ؛ فما ورد من الشرع يُحمل على عرف يوم الورود ، فإن كان فيه مصطلح شرعيّ عمل عليه ، وإلا فعلى الحقيقة العرفيّة العامّة ، ثمّ اللغة.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».