الزمن الأوّل بإلقاء صيغة الخطاب أنّه لا ميدان يتّسع لها ، وإلا لأخّرها ، ولأنّ الأزمنة متساوية في حسن الترك فيها مع عدمه فيلزم الإهمال. ولأنّ المريد للشيء يتأكّد داعيه ويكثر حرصه على المبادرة إليه ، قضاءً لحقّ الحبّ ، وامتثالاً لأمر سلطان الهوى ، كما أنّ قرب المكان في جنب الأعيان كذلك.
ولأنّ أكثر أفراد المطلق وأشهرها وأكملها وأظهرها إرادة المبادرة ، ولأنّه قد وجب عليه الإتيان به في زمن (معيّن ، والخروج) (١) عن عهدة التكليف مقصور على الأوّل.
ولأنّ الاحتياط لخوف عروض التعذّر أو التعسّر لازم ، حتّى أنّ المأمور إذا أخّر العمل فتعذّر لم يُعذر. واشتراط العصيان بما إذا ظنّ الفوات بعيد في النظر ، ولأنّ العرف يقضي بذلك ، حتّى لو أنّ مأموراً سأل الأمر قائلاً : متى تريد منّي هذا الفعل ، عُدّ لاغياً.
وربما يدّعى أنّ ظاهر الإخبار عن الكائنات اتّصال وقوع المخبر به ، وظاهر التمنّي والترجّي والإرادة والمحبّة ونحوها الوقوع بعد وقوع الصيغة ، ومن تتبّع الأخبار ونظر في الآثار وجد ما يستفيد منه ما ذكرناه.
البحث الحادي عشر
في أنّ الأمر بالشيء في سائر اللغات كالإخبار عنه وتمنّيه وترجّيه وإباحته ومحبّته وإرادته لا يدلّ على وحدة بلا شرط ، ولا بشرط لا ، ولا على دوام فيما يمكن أن يدوم ، ولا تكرار فيما يمكن أن يتكرّر.
وإنّما مقتضاها نفس وقوع الحقيقة كما هو ظاهر الإطلاق ، ولا يتوقّف على القول بالوجود بمعناه ولا بمعنى وجود أفراده عند (٢) الانتزاع عنه.
فمن أتى بالآحاد دفعة امتثل بالمجموع لا بواحد منها كما تقتضيه الوحدة المطلقة ، ومع الترتيب يتساويان كما في الاقتصار على الواحد.
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «م» : ويتعيّن الخروج ، وفي «س» : وتعيّن الخروج.
(٢) في «ح» : لإغناء.