فمرجوحيّة الآحاد من حيث الفردية لا تقتضي مرجوحيّة الحقيقة (ويجوز تعلّق الأمر بها مع إمكان غير المرجوح منها) ؛ (١) كما أنّ مرجوحيّة الحقيقة لا تقتضي مرجوحيّة الفرد (وإن امتنع التكليف به للملازمة) ؛ ؛ (٢) لأنّ تضادّ الأحكام إنّما يكون مع وحدة الموضوع أو لزوم الاستحالة ، كما إذا انحصر الفرد أو تعلّق الأمر بالفرد والنهي بالحقيقة.
فلا معارضة عقليّة بين الأمر بالطبيعة والنهي عن خصوص الفرد ، وإنّما المعارضة ظاهريّة صوريّة ويبتني عليها تقييد الأوامر المطلقة بالنواهي المقيّدة وبالعكس ؛ لأنّ ذلك مقتضى فهم أهل العرف واللغة في جميع الخطابات ، وكلّ أقسام اللغات.
البحث الثاني عشر
في أنّ الأمر بالأمر (٣) ليس بأمرٍ (٤). وهو يتضمّن أمرين كلّ منهما يتبع حال مدلوله ، فيختلفان ويتّفقان.
فقد يرجعان إلى إيجاب الإيجاب ، أو ندب الندب ، أو إيجاب الندب ، أو ندب الإيجاب ، كما تتعلّق الإباحة والكراهة والتحريم بالأمر بقسميه على نحو تعلّقها بالنهي ، وهي بعضها ببعض ، كما أنّ الإخبار بالإخبار أو تمنّي التمنّي أو ترجّي الترجّي مثلاً ليس بإخبارٍ ولا تمنّ ولا ترجّ.
ثمّ ما كان فيه من مادّة أمر يفيد الوجوب بناءً على إفادة مطلق الطلب ، ومع التخصيص بالصيغة لا يفيد الوجوب وإن كان عبارة عن الصيغة ؛ للفرق بين العارض والمعروض.
فعلى ما تقرّر يكون حكم المأمور الأوّل يتبع أمر الأمر الأوّل (٥) ، والمأمور الثاني يتبع أمر الأمر الثاني ، فلا يدخل مأمور ومن أُمر بأمر قوم بالاجتماع لضيافتهم أو بأخذ
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٣) في «ح» زيادة : لمأمورٍ
(٤) في «ح» زيادة : عليه وليس بأمر به على الآمر المأمور ولا المأمور عليه.
(٥) في «ح» : يتبع الأمر الأوّل.