وكيف كان فالقبح في ألفاظ خاصّة كالكلّ ، والجميع ، والسائر ، ونحوها مع انفصال المخرج أو اتّصاله بوجه يشبه الانفصال كالاستثناء لا يمكن إنكاره. وفي غيرها محلّ نظر.
ثمّ لو قيل : بأنّ ذلك من المستنفرات طبعاً ، لأمن الممنوع وضعاً ، فتختصّ الثمرة بمسألة جواز الوقوع شرعاً في الكتاب والروايات وفي مخاطبات أرباب العقول والكمالات ، ولا يترتّب عليها اللحن كما في الإسراع في الخطاب أو الجواب ، وإعلاء الصوت فيه زائداً على المتعارف ، والإخبار بما لا فائدة فيه ، والجمع بين الأُمور المتباعدة ، كقولك : ألف باذنجانة في البستان ، وعين السلطان عوراء ، إلى غير ذلك ، لأنّ ترك تسمية القليل والإتيان بالعام وإخراج الكثير كالأكل من القفاء ، ولو كان ذلك عن حكمة لم يكن قبح ولا منع ، ولم يكن بعيداً.
البحث الرابع والعشرون
كلّ مخاطب في كلّ لسان مشافهة أو بواسطة راوٍ أو كتاب ، من شارعٍ وغيره ، بعامّ أو مطلق ، أُخرج بعض أفرادهما أو لا يريد العمل به من دون توقّف على مخصّص أو مقيّدٍ ؛ ما لم ينصّ على خلافه ، أو يُعلم ذلك من عقلٍ أو ضرورةٍ أو عادةٍ أو حال مخاطب ، أو يعلم أنّه وضِعَ وَضعَ القاعدة حتّى يجيء المخرج.
فالأصل في كلّ خطاب (١) صادر من كلّ مطاع ، من المخلوقين أو كتاب ، أو سنّة أو إجماعِ أو غيرها أن يعمل عليه من دون توقّف على بحث عن مخصّص أو مقيّد ، فضلاً عن استقصائه ، إلا إذا علم وجود المعارض في خطاب أو كتاب أو سنّة ، فإنّه يجب على العبد وكلّ مطيع ، وعلى العاملين التفحّص عن ذلك حتّى يحصل العلم إن أمكن ، أو الاطمئنان بالمظنّة.
ولا سيّما إذا كثر حتّى لم يخلُ أكثر الأحكام من وجوده ، كما في الأزمنة البعيدة
__________________
(١) في «ح» زيادة : من أيّ لغة كانت.