البحث الثالث والثلاثون
السكوت من حيث هو هو لا يُعرف به مذهب ، ولا تثبت به شهرة ولا إجماع بسيطان ، ولا مركّبان ؛ لأنّ العامّ لا يدلّ على الخاصّ.
إلا إذا ذكروا مسألة ، وميّزوا (١) بين حرامها وحلالها ، وذكروا ما حرّم منها ، وسكتوا عن شيء من ذلك ؛ فإنّ السكوت هناك دليل على إباحته عندهم ، كالجمع بين الفاطميّتين ، ومتعة العلويّة ، وطهارة الحديد ، ونحوها.
فليس إحداث أقوال لم تنقل عن السابقين من قبيل خرق الإجماع المركّب حتّى يعلم عدم القول سابقاً من أحد على وجه يعمّ المعصوم ، ولا معنى لتركيب الإجماع والشهرة من سكوت وقول ، والشهرة المركّبة يضعف ظنّها ، ويضعف الترجيح بها.
وكلّما وردت رواية سكتوا عن العمل بمقتضاها ، أو عملوا بخلافها دخلت في حكم الضعيفة ، وإن كانت صحيحة. وكثرتها مع الإعراض (عنها كما في أخبار صلاة الجمعة ، وغسلها ، ونجاسة الحديد ، وأوامر الوضوء ، وغسل الأواني ، والبدن ، والثياب ، والجهاد ، ونحوها) (٢) يزيدها ضعفاً ؛ لبُعد غفلتهم عنها.
والإجماع والشهرة المعنويّان أو اللفظيّان المنقولان ينقسم خبرهما إلى أقسام الخبر ؛ من متواترٍ لفظاً أو معنىً ، وآحاد ، محفوفةٍ بقرائن العلم لفظاً ومعنىً ، وغير محفوفة ؛ صحيحة أو ضعيفة ، إلى غير ذلك.
البحث الرابع والثلاثون
في أنّ أصالة الإباحة ، والخلوّ عن الأحكام الأربعة ، فضلاً عن مطلق الجواز فيما لم يترتّب عليه ضرر ، ولم يشتمل عليه تصرّف في حقّ بشر ، ممّا دلّت عليه الأخبار (٣) ،
__________________
(١) في «ح» : وميّزوا به.
(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
(٣) لاحظ الوسائل ١٢ : ٥٩ ب ٤ من أبواب ما يكتسب به ح ١ ، ٤ ، وج ١٨ : ١٢٧ ب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٦٠ ، وج ١٧ : ٩٠ ب ٦١ من الأطعمة المباحة ح ١ ، ٢ ، ٧ ، والكافي ١ : ٢ كتاب الإيمان والكفر باب ما رفع عن الأمّة ح ٢ ؛ وغيرها.