وهذا الأصل لا يعارض قاعدة ، وإلا لانهدمت أكثر القواعد ، ولا دليلاً عامّاً ، ولا خاصّاً ، لأنّه مشروط بعدم الدليل.
وكذا الاستصحاب ، وهو الحكم باستمرار ما كان إلى أن يعلم زواله ؛ فإنّ مجاري العادات في الشرعيّات وغير الشرعيّات على العمل به ، وطلب الدليل على رفع ما ثبت وثبوت ما انتفى.
مضافاً إلى دلالة الأخبار عليه في مقامات عديدة (١) ، كما لا يخفى على المتتبّع ، من غير فرق بين ما أصل وجوده مقتضٍ للبقاء وغيره ، ولا يختلف الحال باختلاف الأقوال في أنّ الأكوان باقية أو لا ، محتاجة إلى المؤثّر أولا.
وحجيّته مشروطة بعدم الدليل ، فلا يعارض دليلاً من كتاب أو سنّة أو إجماع ، عامّاً أو خاصّاً ، فلا يستصحب حكم التمام الثابت للمسافر لبعض العوارض بعد زواله ، ولا حكم القصر الثابت لعوارض تقتضيه في الحضر كالأخاويف بعد زوالها ، ولا حكم الخيار إذا ثبت لسبب في عقدٍ لازمٍ فزال السبب ، ولا حكم اللزوم إذا عرض في أوقات الخيار لسبب فارتفع السبب وهكذا ؛ لأنّ عموم الحضر ، والسفر ، واللزوم ، والخيار ، ونحوها حاكمة على الاستصحاب ، ولا يعارض قاعدة.
والاستصحابان يتعارضان ويبنى على الراجح إن كان ، وإلا كانا متساقطين إن كانا في الرتبة متساويين ، ولا يعارض بقاء المستصحب أصالة عدم ما يتبعه من الحوادث اللاحقة له ، فإنّ ثبوت العلّة والمؤثّر ولو بطريق الاستصحاب قاضٍ بثبوت الأثر والمعلول. ولو جعل ذلك معارضاً لم يبقَ في البين استصحاب يعمل عليه.
وأمّا ما كان مستقِلا في نفسه ، كأصالة عدم إصابة الرطوبة للنجاسة المعارضة لأصل بقائها فثبتت الإصابة ، وأصالة عدم وصول الماء إلى المحلّ المغسول أو رطوبته إلى المحلّ الممسوح المعارضة لأصالة عدم الحجب أو عدم الحاجب ، وأصالة عدم المانع عن إصابة النجاسة الملقاة في المسجد لأصالة عدم الحاجب ، وعدم وجود شخص غير زيد في
__________________
(١) منها ما في الكافي ٣ : ٣٣ ح ١ ، ٢ ، والفقيه ١ : ٢٣١ ح ١٠٢ ، والتهذيب ١ : ١٠٠ ح ٢٦١ ، وص ١٠٢ ح ٢٦٨ ، والاستبصار ١ : ١٨٣ ح ١٣ ، ومنتقى الجمان ٢ : ٣٢٤ ، والوسائل ١ : ١٧٤ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.