قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١). أبين شاهد على ذلك.
ولولاية الإجبار كولاية الأب والجدّ ما ليس لغيرها ، فلا يعتبر فيها سوى عدم الفساد ، وإن كان مقتضى الأصل مساواتها ؛ لأنّ من نظر في أخبار النكاح وجدها شاهدة على ذلك.
وكذا أخبار الأموال ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت ومالك لأبيك» (٢). وقضيّة الحجّ ، وتقويم الجارية ، ونحوها.
ولو لا اقتضاء الأدلّة في المقامين لأرجعناهما إلى حكم القسم الثالث ، وهو ما كانت ولايته مشروطة بخوف الفساد ، كالمتولّي على مال الغائب والمحجور عليه.
البحث الثالث والأربعون
في أنّ العمل العائد نفعه إلى الغير ، أو المال من نقد أو جنس يقع على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يأتي العامل بالعمل ، أو يعطي صاحب المال ماله من غير طلب ، وحينئذٍ لا أُجرة بعد استيفاء العمل ، ولا عوض بعد إتلاف المال ، ويبنى على التبرّع والهبة بلا عوض ، ومع بقاء العين يجري فيه حال الهبات في التفصيل في حكمها بين المقصود بها القربة وغيرها ، وهبة ذي الرحم وغيرها.
ثانيها : أن يأمر بالعمل لنفسه (٣) أو بإعطاء مقدار من المال غير مصرّح بالهبة والتبرّع ، بل يطلق. والحكم هنا البناء على عدم الهبة والتبرّع ، والبناء على مشغوليّة ذمّته بالأُجرة والعوض ، والظاهر أنّ مجرّد الإذن كالأمر ، إلا أن يقضي العرف بالهبة والتبرّع.
ثالثها : أن يأمره بالعمل لغيره ، أو بإعطاء شيء من المال كذلك ، والحكم هنا بالبناء على شغل ذمّة الأمر بالأُجرة والعوض ، ولا رجوع للعامل والأمر على المنتفع بشيء
__________________
(١) الأنعام : ١٥٢.
(٢) الكافي ٥ : ١٣٦ ح ٣ ، الفقيه ٣ : ١٠٩ ح ٤٥٦ ، علل الشرائع ٢ : ٥٢٤ ، الوسائل ١٢ : ١٩٤ أبواب ما يكتسب به ب ٧٨ ح ١ ، ٢ ، ٨ ، ٩ ، كنز العمّال ١٦ : ٥٧٩ ، و ٤٤٩٣٢.
(٣) في «ح» : بنفسه.