الأنبياء السابقين.
ويلزم عليه أنّ كثيراً من أقوال المجتهدين مع البناء عليها يلزم معها مخالفة العقل وحصول الفساد على المسلمين ، ويلزم الجمع بين المتناقضات من الأحكام ؛ لاختلاف الاجتهاد ، كالحريّة ، والملكيّة والزوجيّة ، والأُبوّة ، والنبوّة ، والقرابة ، والوقف ، والعتق ، وخلافها ، ونحو ذلك ، لابتنائها على موضوعات متفرّعة (١) على اختلاف آراء المجتهدين ، حتّى ينتظم قياس من الشكل الأوّل بديهي الإنتاج. والتعلّل بوجوه ذكروها أوهن من بيت العنكبوت.
وأمّا القول بالتصويب على معنى أنّ الاجتهاد من الصفات وحكمه حكم الموضوعات فخطأ أيضاً ؛ لما ذكرناه سابقاً ، ولأنّه يلزمه مثل ما لزم المصوّب.
ولو عرض على أدنى العوام القول باجتماع الصفات المتضادّة باعتبار اختلاف الاجتهادات ، لعدّه من الخرافات. ففي القول بالإصابة بمعنييها خروج عن الإصابة.
كما أنّ القول بعدم الفرق بين الأُصول الدينيّة والفروع الشرعيّة في ترتّب المؤاخذة للمجتهدين على الخطأ في الأحكام الواقعيّة مردود بالسيرة القطعيّة ، وبعض ما مرّ من الأدلّة الشرعيّة ، وبمنافاة مذهب العدليّة ، والله أعلم. وهو قول غريب أشدّ غرابة من القول بالتصويب.
ويلزم على ذلك مساواة العلماء الأبرار للأشقياء الفجّار في استحقاق الدخول في النار ، وهذا ممّا لا يرضى به الجاهل ، فضلاً عن العالم العاقل.
البحث الثامن والأربعون
إنّ ما اشتملت عليه الكتب الأربعة للمحمّدِين الثلاثة أو غيرها من كتابين أو ثلاثة لا يعقل فيها التواتر لفظاً ، ولا معنى بالنسبة إلى الصدور عن المعصومين ؛ لقلّة الراوين ، وندرة المخبرين.
__________________
(١) في «ح» : متفرقة.