ومسألة الكراهة كمسألة الندب.
البحث الخمسون
في أنّ المرجع في أخذ الأحكام شرعيّاتها وعقليّاتها وعاديّاتها لا يكون إلا إلى طريق قاطع يكون مرأة كاشفة عن الواقع.
فالقطع بالحكم الشرعي بطريق عقلي أو سمعي يؤخذ من المعصوم مشافهة أو بواسطة لا يجوز عليها الخطأ ، أو من كتاب الله تعالى على وجه لا يكون في المقام احتمال الخلاف ، ولو ضعيفاً من جهة الواسطة ، أو احتمال خلاف المراد من مداليل الألفاظ.
فمتى دخل الظنّ لم يجز الحكم ؛ لأنّه لا يغني من الحقّ شيئاً ، لكن قامت البديهة ، والسيرة القاطعة ، والإجماع ، وضرورة التكليف على الاكتفاء بالظنّ الناشئ عن الدلالة في كتابٍ أو متواترٍ أو إجماع لفظيّين ، كما قامت على اعتبار القواعد الشرعيّة التي هي العمدة في إثبات الأحكام.
ودلّ الدليل على الاكتفاء بخبر العدل الواحد فضلاً عن العدلين والعدول في ثبوت الموضوعات ، والأحكام الشرعيّة ، حيث يكون مخبراً عن علم ويقين. ولو أخبر عن وهم ، أو شكّ ، أو ظنّ لم يكن من المخبرين.
فليس الرجوع إلى المجتهدين من القضاة والمفتين من جهة الرواية كما في الرواة والمحدّثين (في الفتوى) (١) والقضاء إلا من المناصب المفوّض أمرها إلى الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام دون من عداهم من الأُمّة ؛ لأنّ الرجوع إلى الظانّ في خبر أو حكم ممّا لم يقم عليه البرهان ، والأُصول والقواعد تقضي بخلافه ، حتّى يقوم الدليل على خلافه.
وما دلّ على الرجوع إلى العلماء في قضاء أو إفتاء لا يُفهم منه سوى الرجوع إلى الأحياء.
__________________
(١) في «ح» ، «م» : فالفتوى. ويحتمل كونه تصحيف : فما الفتوى.