لا بقصد العمل ليس من التقليد.
وتمشّي الأحكام والفتاوى من العلماء السابقين والمجتهدين الماضين المستمرّة الآثار على مرور الأعصار أظهر من الشمس في رائعة النهار ؛ ولو لا ذلك لسلبت الزوجة من بعلها ، وأخليت الدار من أهلها ، بعد مضيّ دهور وأعوام ، وذلك منفيّ بالسيرة القاطعة من العلماء والعوام ، وهذا من تقليد الأحياء ، فلا تشمله أكثر عبارات العلماء.
وليس العمل بالروايات مع جبر الشهرة أو مع نقد النقدة (١) ، ولا بالتعديل والجرح ، ولا بما في المصابيح والمزارات ، وبيان معاني الألفاظ الشرعيّة كالمعاني اللغويّة ، ولا الرجوع إلى الإجماع ؛ من التقليد كما لا يخفى.
البحث الحادي والخمسون
لما ظهر أنّ الاجتهاد والتقليد من الأحكام التعبّديّة ، وأنّ الاجتهاد من المناصب الشرعيّة ، والمنكر لذلك جاحد بلسانه ، معترف بجنانه ، وقوله مخالف لعمله ، فلا بدّ من الاقتصار فيه على محلّ اليقين.
وقضيّة اتّحاد المظنّة أو قوّتها من قول غير المجتهد إنّما تؤثّر لو لم نقل بالتعبّد ، ودليل الرجوع إلى العلماء إن لم يكن ظاهراً في المطلق فلا أقلّ من الإجمال.
والاستناد إلى أنّ مقتضى الخطاب رجوع المخاطب إلى فهمه في تكليف نفسه ، ولا قائل بالفرق ؛ مردود بأنّا لا نشكّ بأنّه مشروط ، وإلا لعمّ ، والشرط مجمل على أنّ الخطاب تعلّقت أفراده بالأفراد ، فلا يجري في حكم الجملة ، فلا يتمشّى في خطاب غيره ، وأن الاحتياج إلى الاستعداد لا كلام فيه.
ثمّ إنّه لا يجوز تقليد متجزئ إلا عن إذن المطلق ، ولا مفضول إلا عن إذن الفاضل ، ولا ميّت مع تقليده قبل الموت أو بعده لو قلنا بجوازه إلا عن إذن الحيّ ، ولا الرجوع إلى كتاب الفاضل أو واسطته ما لم يبلغ حدّ القطع إلا عن إذنه أو إذن مجتهد آخر.
__________________
(١) في س» : فقد النقدة.