الثالث : القدرة
فلا يتعلّق خطاب تكليف بعبادة وما يشبهها (١) ممّا يعتبر فيه القربة أولا ، ولا خطاب وضع من عقدٍ أو إيقاعٍ ونحوهما بغير القادر ؛ لأنّ خطاب العاجز بالقسمين قبيح ؛ لخلوّ الخطاب عن الغرض ، لامتناع صدور الأثر منه ، والوضع لا ينصرف إليه ، ولأنّ المقصود من الخطاب تحصيله ، فهو في باب العبادات من طلب المحال.
وليس منه خطاب الكافر بالقضاء المتوقّف على الإسلام المسقط له ، ولا خطاب غير المؤمن المخبر عنه بعدم الإيمان ممّن (٢) يحال عليه الكذب بالإيمان ؛ لأنّ السقوط بالفعل لا ينافي التكليف من قبل ، وكذا الامتناع ظاهراً لأنّه لا يكون لا ينافيه ، بخلاف ما كان لا يكون للامتناع ، فالصادر من الأقوال من الهذيان ، ومن الأفعال (٣) كالواقع من الحيوان ، فإن عجّز نفسه بفعل شيء يقتضي رفع قدرته ، فإن كان تعلّق الأمر قبل التعجيز عصى ، ولا معصية فيما تعلّق بعده.
والعجز عن بعض الواجب ، إن كان عن جزئيّات يصحّ فعلها من دون فعل الباقي وجب الإتيان بالمقدور.
وإن كان عن بعض مركّب يبطله الانفصال كالصلاة والوضوء في بعض الأحوال فعجز وانفصل بطل ، وإلا يكن كذلك كبعض أغسال الميّت ، أو بعض أعضائه ، وبعض أعضاء غسل الجنابة ، وغيرها من الأغسال صحّ ، بمعنى عدم لزوم إعادته لو تمكّن.
ويقوى أنّه مع العجز عن الإتيان بالجميع ، يجب الإتيان بالبعض في الجميع ، إلا ما دلّ الدليل على خلافه ؛ للخبر المشهور من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يسقط الميسور بالمعسور» (٤) ، ولما اشتهر من مضامين الأخبار نقله من قوله : «ما لا يدرك كلّه
__________________
(١) في «ح» زيادة : مطلقاً ولا صحّة
(٢) في «ح» : المجبر عنه بعدم الإيمان فمن.
(٣) في «ح» زيادة : هو.
(٤) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.