وممكن الوجود حين النيّة في العبادات والمعاملات على المنافع ، فلا يجوز تعلّق المعاملات بالمعدومات (١) من غير فرق بين انفرادها ودخولها في ضمن الموجودات.
وما ورد من الشرع جوازه كالسلَم والنسيئة والصلح على المعدوم وبعض أقسام بيع الثمار (٢) ، خارج عن القاعدة ، كما خرج عن قاعدة منع بيع الغرر ، وينزّل على التسبيب والتعليق والإعداد ، ولذلك وجب الاقتصار عليه ، وعدم التجاوز عنه إلى غيره ، وكذا لا تصحّ العبادة بنيّتها غير مقارنة لوجودها عرفاً ، فمتى انفصلت بطلت.
الثالث : أن يكون متعيّناً في الواقع متميّزاً ، لأنّ كلّ موجود متعيّن ، والمبهم لا وجود له ، ففي العبادات يشترط بعد معرفة الحقيقة الأول إلى التعيين (٣) ، لأنّ الفعل لا يتميّز إلا بعد وقوعه ، وكذا بالنسبة إلى ما يتعلّق بالأعمال من المعاملات ، وأمّا ما يتعلّق بالأعيان ، فلا بدّ من تعيّن متعلّقها حين العقد والإيقاع بمقتضى ظاهر الإنشاء.
وما يظهر من الشرع في بعض المقامات الخاصّة ، كالنذور ونحوها من جواز تعلّقها بالمبهم ، خارج عن القاعدة ، ومقتضى ظاهر اللفظ.
المطلب الثاني
في أنّ الشكّ إذا تعلّق بصحّة عبادة أو معاملة ، وكذا جميع المؤثّرات من إحياء موات ، أو حيازة ، أو سبق إلى مشترك كوقف عام ، وغيرها ، حكم بالفساد ؛
لأنّ الأصل عدم فراغ الذمّة ، وعدم الاستحقاق ، وعدم الآثار ، إلا أن يقوم دليل على صحّتها ، وأمّا بعد ثبوت الأصل وحصول الشكّ في غيره فعلى أقسام :
أوّلها : الشكّ في بعضيّة الأبعاض ، كالشكّ في أنّ السورة ، أو التسبيحة الثانية أو الثالثة عوض القراءة ، وفي الركوع والسجود أجزاء مقوّمة أو لا ، وأنّ القبول جزء من الإقالة والوصيّة ، أو اللفظ جزء من البيع ، وباقي العقود المتعلّقة بالمال أو لا ، مثلاً.
__________________
(١) في «ح» زيادة : لأنّها تجب ارتباطها بمتعلّقها ؛ لأنّها مؤثرات ولا يمكن ربط الموجود بالمعدومات.
(٢) انظر الكافي ٥ : ١٨٤ ، ٢٠٧ ، ١٧٤ ، والتهذيب ٧ : ٢٧.
(٣) في «ح» : التعيّن.