عبادة ، كالشكّ بين المعاملات والأحكام ، وبين العقود والإيقاعات ، وبين الإيقاعات والأحكام ، فإنّ الأوّلة مقدّمة على الأخيرة ؛ لرجوع ذلك إلى الشكّ في الأجزاء.
وما شكّ في ركنيّته ركن في العمد والسهو ؛ وما قام الدليل على عدم ركنيّته في السهو يحكم بركنيّته في العمد ، هذا كلّه إذا تعلّق الشكّ بأجزاء المركّب.
أمّا الشكّ في الجزئيّات من القليل والكثير ، فالأصل نفي الزائد فيها ، إلا في مثل ما يترتّب نفي الزائد فيه على وقوع الفعل سابقاً كالمقضيّات ، فإنّ الأصل فيها يقتضي البناء على الكثير ، ما لم يدخل في قاعدة الشكّ بعد خروج الوقت.
ولو لا قيام الدليل على هذا التقدير بالاجتزاء بحصول المظنّة في البراءة لقلنا بلزوم التكرار حتّى يحصل اليقين.
المطلب الثالث
في أنّه لا يجوز الإتيان بعبادة ، ولا معاملة ، ولا بغيرهما ، ممّا يرجع إلى الشرع في تكليفه أو تعريفه من غير مأخذ شرعي ، فمن عمل بدون ذلك شيئاً من ذلك ، بقصد أن يكون له اتّباع ، أو للحكم بقاء ، في أصل أو فرع ، عبادة أو معاملة ، أو حكم غير مستند إلى الشرع ، فهو مخترع ، وإن أسند فهو مبدع ، وقد تختصّ البدعة بالعبادات في مقابلة السنّة ، فقد تعمّ القسم الأوّل.
ومن عمل شيئاً من ذلك مدخلاً له في الشريعة من غير قصد السراية كان مشرّعاً في الدين ، سواء كان عن علم بالمخالفة ، أو جهل بسيط أو مركّب لا يُعذَرُ فيه.
ويجري حكم (١) التشريع عليه ، وافق الواقع أو خالفه ، وإن كان في الثاني أظهر ، فمن أخذ الأحكام من الأدلّة مع عدم أهليّته فلا نشكّ في فسقه ومعصيته ، ولا فرق بين ما أخذ من كتب أهل الحقّ أو كتب أهل الباطل ، وكذا المقلّد لغير القابل ، والأخذ بقول الأموات من غير عذر.
__________________
(١) في «ح» زيادة : مؤاخذة.