ولا حاجة وراء ذلك إلى اعتبار الوجه المفسّر باللّطف عند أكثر العدليّة (١) ، وترك المفسدة اللازمة من الترك عند بعض المعتزلة ، والشكر كما عليه الكعبي ، ومجرّد الأمر كما عليه الأشعريّة.
ولا الوجوب والندب كما عليه أكثر الفقهاء (٢) ، لعدم الذكر في السنّة والكتاب ، وعدم تعرّض قدماء الأصحاب ، وترك الذكر في الروايات المشتملة على التعليم أو تعريف العبادات (٣).
ولو لم تكن غنيّة عن البيان لأنها ملزومة لفعل العقلاء بأن كانت عبارة عن الداعي ، للزم ورودها في النقل المتواتر في الأخبار ، واشتملت على ذكرها مواعظ الخطباء على مرور الأعصار.
فليست طاعة العبد لله إلا على نحو طاعة المملوك لمولاه ، فلا حاجة إلى قصد الوجوب والندب لا على وجه القيديّة ، ولا على وجه الغائيّة ، إذ ليس لهما في تقويم العبادة مدخليّة ، وَحالهما كحال الأُمور الخارجيّة ؛ إذ لا يعتبر في تحقيق معنى العبادة سوى قصد العبوديّة.
وحالهما كحال الأدائيّة والقضائيّة والقصريّة والإتماميّة والأصاليّة والتحمليّة ، والزمانيّة والمكانيّة ، ونحوها من المقارنات الاتفاقيّة الّتي لا يخلّ ترك نيّتها ، أو نيّة خلاف الواقع من أضدادها ، مع عدم لزوم التشريع بالنيّة.
كما أنّ شدّة الوجوب والندب وضعفهما لا اعتبار بهما فيها ، على أنّ باعثيّة الوجوب ربّما كانت متعذّرة بالنسبة إلى الأولياء.
نعم لو كان في العبادة إبهام ، لكون المأمور به ذا أقسام ؛ وجب ذكر القيد ، أو القيود لدفع الإبهام ، فلا مانع من نيّة وجوب في موضع الندب ، وقضاء في موضع الأداء ، وقصر في موضع التمام وهكذا ، وبالعكس فيها ما لم يستتبع تشريعاً ، كما لا مانع من
__________________
(١) انظر الذخيرة للسيّد المرتضى : ١٨٩ ، والمنقذ من التقليد ١ : ٢٦٦ ، وكشف اللثام ١ : ٥٠٨ ، ومفتاح الكرامة ١ : ٢٢١.
(٢) انظر الروضة البهيّة ١ : ١٩٥ ، ٣٢١.
(٣) انظر الوسائل ٤ : ٦٧٣ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.