بقيادة ابن أخيه سليمان باشا كهيا الكرجي الرومي ، فتجاوزوا من خانقين إلى شهرزور ، ومنها إلى بحيرة مريوان ، فتلاقوا هناك ، واشتعلت نيران الحرب بينهما ، حتّى انكسر عسكر الروم ، وانهزم إلى حدود الموصل وبغداد عن ثلاثة آلاف قتيل ، وأكثر منهم أسيراً وفيهم القائد كهيا المذكور.
فالتجأ عليّ باشا والي بغداد إلى شيخ الجعفريّة الشيخ جعفر النجفي ، فقبل الشيخ التماسه ، وذهب إلى محمَّد عليّ ميرزا ، شفيعاً للأسراء فقبل شفاعته ما عدا كهيا ، فأطلقهم جميعاً ، وبعث كهيا مقيّداً إلى السلطان فتح عليّ شاه ، فأمر بحفظه وفكّ قيده ، إلى أن تهيّأ الشيخ للسفر إلى طهران ، فوصل إلى السلطان مكرّماً مقبول الشفاعة فأخذه معه ورجع إلى بغداد.
وكان تشفّع في كهيا يوسف باشا والي أرزنة الروم ، وبعث معتمدة الفيضي محمود أفندي مع عريضة إلى عبّاس ميرزا ، فلم يقبل شفاعته ، وإنّما قبل شفاعة الشيخ تكريماً له (١).
ومنها : تصلّبه في النهي عن المنكر وردّ أهل البدع. ونكتفي في ذلك بذكر رسالة أرسلها إلى أهل خوي ، من مدن إيران ، لمّا توسّعت دعوة الصوفيّة فيهم ، وكان فيها توبيخ وتهديد وتحذير ، واستعطاف وهي :
«بسم الله والحمد لله والصلاة على محمّد وإله. من المعترف بذنبه المقصّر في طاعة ربّه ، أقلّ الأنام ، كثير الذنوب والاثام ، الأقلّ الأحقر عبد الله جعفر ، إلى الإخوان الكرام والأخلاء العظام ، أعاظم أهل خوي وأعيانها وأساطينها وأركانها.
أمّا بعد : فقد صحّ الكلام المأثور والمثل المشهور أنّه ما يثنّى إلا وقد يثلّث. فقد حصل ثالث الأديان في بلادكم ، المذهب الوهّابي وبيكجان ، فهنيئاً لكم على هذا الدين الجديد ، والمذهب السديد ، وظهور هؤلاء الأنبياء الذين يخاطبون بصفات جبّار السماء ، بل كانوا عين الله ، وكان الله عينهم ، ولا فرق بينه وبينهم!! فدقّوا الطبول ، وغنّوا بالمزامير ، وأظهروا العشق للّطيف الخبير ، وأكثروا النظر إلى الأمرد الحسان. فإنّه يتّحد بهم الرحيم الرحمن ، ودعوا الصلاة والصيام وجميع العبادات بالتمام ، فإنّكم نلتم درجة الوصول ، فلمن تعبدون؟! وأنتم مع الله متّحدون فلمن تسجدون؟ إنّما يعبد
__________________
(١) الكرام البررة ١ : ٢٥٠.