المقصد الرابع : في إباحة المكان
إباحة المكان بأيّ معنى كان من فراغ أو جسم محيط بالمكين بكلّه متصلاً أو منفصلاً ، أو بجلّه مع الاتصال أو ما يشبهه من الانفصال ، أو مسقط ثقله ، أو ما لابسه من أسفله شرط في العبادات ، مفسد عدمها.
ويختلف حكم الفساد إن علّقناه على صفة المكانيّة في الأفعاليّة والأقواليّة وغيرهما ، وإن علّقناه على التصرّف أو الانتفاع مقروناً بالقصد أو مطلقاً اختلف الحكم أشدّ اختلاف.
وليس شرطاً في المعاملات عقوداً وإيقاعات ولو شرطت بالقربة ، كالعتق والوقف ونحوهما إن لم تلحق الأقوال بالأفعال ، إلا فيما يتوقّف على الإقباض إذا اشترطنا فيه القربة.
ودون التكاليف التي لم تشترط بالقربة كغسل الخبث وتكفين الميّت ونحوهما ممّا يُراد أصل وجوده ، دون محض التقرّب به.
ودون العبادات التي لا ربط لها بالمكان ، كالتروك في الصيام والإحرام ؛ وما يتعلّق بالأقوال دون الأفعال من قراءة أو ذكر أو دعاء ونحوها على إشكال.
وأمّا المتعلّقة بها فشرطها إباحته بالملك مع تسلّط المالك لعدم الرهانة والحجر مثلاً ؛ وبالإذن من المالك ، ولو بالفحوى ، أو من الشارع ، فإنّ الإذن الشرعيّة أقوى من المالكيّة كما في الأمكنة المتسعة التي يترتّب على المنع من مثل هذه التصرّفات فيها حرج عظيم ، فتجوز لغير الغاصب ومعينه وتابعه وباعثه على الغصب ، والقادر على منعه.
فلو تطهّر طهارة مشروطة بالقربة رافعة أو لا ، واجبة أو مندوبة ، أو غسّل ميّتاً أو صلّى ولو على جنازة ، أو طاف أو سعى أو ذبح أو نحر أو حلق أو رمى أو أكل من الهدي أو شرب ماء زمزم وهكذا على مغصوب أو في مغصوب ؛ مختاراً عالماً بالغصبيّة بطل عمله ؛ لتعلّق النهي به ، أمّا المجبور والجاهل بالموضوع ومنه الناسي والغافل فلا ، والظاهر بطلان عبادة المميّز وإن لم يكن نهي.