ولو توقّفت عبادته على مكان أو الات مملوكة للغير ، وأمكن إرضاؤه مجّاناً من غير ضرر بالاعتبار ، أو بأُجرة لا تضرّ بالحال ؛ وجب ذلك في الواجب ، وندب إليه في المندوب.
المقصد السادس : في العمل بموافقة التقيّة
التقيّة إذا وجبت فمتى أتى بالعبادة على خلافها بطلت ، وقد ورد فيها الحثّ العظيم ، وأنّها من دين آل محمّد (١) ، وأنّ من لا تقيّة له لا إيمان له (٢). وروى : النهي عن أن يعمل بالتقيّة في غير محلّها (٣) ؛ وإن ندبت فلا بطلان.
والكلام فيها في مقامين :
المقام الأوّل : في بيان حكمها ، وهي على ضربين : واجبة ومندوبة ، فالواجبة ما كانت لدفع الخوف على نفس أو عرض محترمين ، أو ضرر غير متحمّل عن نفسه أو غيره من المؤمنين.
وتستوي فيها العبادات والمعاملات والأحكام من الفتوى والقضاء والشهادة على خلاف الحقّ ، فيحرم لها الواجب ، ويجب لها الحرام ، وتتبدّل لها جميع الأحكام.
ولا يختلف فيها الحال بين ما يكون من كافر غير ذي ملّة ، أو ملّي حربي ، أو ذمّي ، أو مسلم مخالف ، أو موافق ؛ لأنّ مدارها على وجوب حفظ ما يلزم حفظه عقلاً أو شرعاً ، وصاحبها أدرى بها ، والجريء المتهجّم وصاحب الواهمة يرجعان إلى مستقيم المزاج ، ويجب الاقتصار في ترك الواجب وفعل الحرام على ما يندفع به الضرر ، ولو دار الأمر بين ضررين وجب تجنّب ما هو أشدّ ضرراً منهما.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢١٩ ح ١٢ ، الوسائل ١١ : ٤٥٩ أبواب الأمر بالمعروف ب ٢٤ ح ٣ ، مستدرك الوسائل ١٢ : ٢٥٨ أبواب الأمر بالمعروف ب ٢٤ ح ٤٤ ، تفسير نور الثقلين ٤ : ٥١٩ ح ٤٣.
(٢) الكافي ٢ : ٢١٩ ح ١٢ ، تفسير العياشي ١ : ١٦٦ ، قرب الإسناد : ٣٥ ح ١١٤ ، الوسائل ١١ : ٤٦٨ أبواب الأمر والنهي ب ٢٥ ح ٣ ، وفي المصدر : لا إيمان لمن لا تقية له.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٤٤١ ، ولاحظ الوسائل ١١ : ٤٦٧ أبواب الأمر والنهي ب ٢٥.