والمندوبة منها ما كانت لدفع ما يرجح دفعه من ضرر يسير يجوز تحمّله ممّا يتعلّق بنفسه أو بغيره ، أو لمجرّد دفع (١) عداوة أرباب المذاهب المخالفة ؛ لاحتمال ما يترتّب عليها من الفساد ضعيفاً.
المقام الثاني : فيما يصحّ بموافقتها (٢) وإن خالف الواقع ، أو يفسد كترك جزء أو شرط أو فعل شيء مانع.
والأصل هنا بطلان ما خالف الواقع وإن كان العمل مأموراً به ؛ لأنّ الأمر في الحقيقة متعلّق بحفظ ما يلزم حفظه ، فالصحّة وهي موافقة الأمر لا يتّصف بها سوى الحفظ ، والفعل مطلوب لغيره لا لنفسه ، فصحّته بترتّب غرض الحفظ عليه ، وهو متحقّق.
ومثل هذا الكلام يجري في الجاهل والناسي والغافل في بعض الشروط ، ومن تأمّل في أوامر السادات لعبيدهم ، وكلّ مُطاعين لمطيعيهم ، اتّضح له الحال ، وانكشف لديه غياهب الإشكال. ثمّ هو على ضربين :
أحدهما : ما يفسد مع مخالفة الحقّ بقول مطلق كالتقيّة في العقود ، والإيقاعات ، والقضاء ، والإفتاء ، والشهادات ، ومن الحاكم الظالم لغير مذهب ، والكافر الملّي ، وغير الملّي ، والحربيّ ، والذمي ، وفرق أهل الإسلام (من أهل التشبّث ، كالخوارج ، والغلاة ، وأهل الإسلام) (٣) على الحقيقة من الناووسيّة ، والزيديّة ، والفطحيّة والإسماعيليّة والواقفيّة ، والفسّاق من أهل الحقّ ، وغيرهم ، لا يترتّب عليها صحّة.
الضرب الثاني : التقيّة من أهل الخلاف ، فإن كانت من جهة غير المذهب فهي كالتقيّة من غيرهم ، وإن كانت من جهة المذهب بأن يؤتى بالعمل موافقاً لمذهب الكلّ منهم أو أكثرهم أو أشدّهم بأساً مع المخالفة لمذهب أهل الحقّ ، وهو على أربعة أقسام :
الأوّل : ما يكون في الأحكام العامّة كغسل القدمين ، والمسح على الخفّين ،
__________________
(١) في «س» : رفع.
(٢) في «ح» زيادة : أو يصح بمخالفتها.
(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».