المقام الثالث : في مشتركات العبادات البدنيّة
وهي أُمور :
منها : أنّه كما يُؤمر المكلّف بفعل الواجبات من الصوم والصلاة والطهارة وغيرها وتُرك المعاصي ، وتُراد منه ، كذلك يُراد منه أن يحمل عياله وأهل بيته على فعلها وتركها بخطابٍ ليّن ، ثمّ خشن في غير الوالدين ، ثمّ هجر وإعراض بوجهه كذلك ، ثمّ في المنام لطالبه ، ثمّ ضربٍ من دون استئذان من حاكم الشرع ، من غير فرق بين عبده وزوجته وغيرهما.
وكلّ من كان عاصياً مهملاً قريباً أو بعيداً مع العلم وظنّ التأثر ، وعدم ترتّب الفساد أو الازدياد منه أو من غيره ؛ مع احتمال المعاودة (١) إلا أن تسبق منه التوبة ، وتثبت عند الأمر والناهي يجب حمله على ذلك ، ويجري الحكم في جميع الواجبات والمحظورات ، ويستحبّ ذلك في المستحبّات والمكروهات على وجه الإيجاب أو الندب.
وقد ابتُلي الناس بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتّى أنّ كثيراً من العلماء والصلحاء وقع عليهم أعظم البلاء ، يرون أنّ الله يعصى بالعيان ، ولا ينصرونه باليد ولا باللسان ، فلا يردّون أحداً عن معصية الملك العلام ، ولو كان من الأزواج أو الأولاد أو الخدّام. وربما كان إثمهم أعظم من إثم الفاعل ؛ لأنّ العامل تحمله اللذة وحبّ الراحة على المعصية ، والمغضي إنّما حمله قلّة الاكتراث والاعتناء بنصرة خالق الأرض والسماء.
هذا إذا كان التارك للواجب أو الفاعل للحرام مقصّراً ؛ لعدم معذوريّته.
أمّا لو كان معذوراً لجهل محضٍ في الحكم يعذر به ، أو بالموضوع ، أو سهو ، أو نسيان ، أو نوم ، أو دهشة ، أو فرح ، أو همّ غالبة عليه ، فيختلف الحال باختلاف الأحوال ؛ لأنّ ذلك إن كان في أمر الأعراض كهتك النساء وسبيهنّ ؛ لتوهّم الكفر المسوّغ لذلك ، ويتبعه الاغتياب والهجو مع معذوريّة الفاعل لنسبته إلى فسق قد اشتبه بنسبته إليه ،
__________________
(١) في «ح» زيادة : وعدمها.