المبحث الثاني :
في النبوّة
والواجب على أهل كلّ ملّة معرفة نبيّها المبعوث إليها لإبلاغ الأحكام ، وتعريف الحلال والحرام ، وأنّه الواسطة بينهم وبين المعبود ، والموصل لهم بطاعته إلى غاية المقصود ؛ لأنّ تقريب الناس إلى الصلاح وإبعادهم من الفساد واجب على ربّ العباد.
ولا يمكن ذلك بتوجيه الخطاب من ربّ الأرباب بخلق الأصوات ؛ لكثرة الوجوه فيها والاحتمالات ، فلا يحصل لهم كمال الاطمئنان ؛ لتجوّز أنّها أصوات صدرت من بعض الجانّ.
ولا بإرسال من لا يدخل تحت قسم من الناس من الملائكة أو الجنّ أو النسناس ؛ لأنّ النفوس لا تركن إليه ، وفعل المعاجز ربما لا يُحال عليه.
فالنبي المبعوث إلينا ، والمفروض طاعته من الله علينا ، أعلى الأنبياء قدراً ، وأرفع الرسل في الملإ الأعلى ذكراً ، الذي بَشّرت الرسل بظهوره ، وخُلِقت الأنوار كلّها بعد نوره ، علّة الإيجاد ، وحبيب ربّ العباد ، محمّد المختار صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأحمد صفوة الجبّار ، ذو المعجزات الباهرة ، والآيات الظاهرة التي قصرت عن حصرها ألسن الحُسّاب ، وكلّت عن سطرها أقلام الكُتّاب :
كانشقاق القمر ، وتظليل الغمام ، وحنين الجذع ، وتسبيح الحصى ، وتكليم الموتى ، ومخاطبة البهائم ، وإثمار يابس الشجر ، وغرس الأشجار على الفور في