المبحث الرابع :
في العدل
بمعنى أنّه لا يجور في قضائه ، ولا يتجاوز في حكمه وبلائه ؛ يثيب المطيعين ، وينتقم بمقدار الذنب من العاصين.
ويكلّف الخلق بمقدورهم ، ويعاقبهم على تقصيرهم ، دون قصورهم.
ولا يجوز عليه أن يقابل مستحقّ الأجر والثواب بأليم العذاب والعقاب.
لا يأمر عباده إلا بما فيه صلاحهم ، ولا يكلّفهم إلا بما فيه فوزهم ونجاحهم. الخير منشؤه منه ، والشرّ صادر عنهم ، لا عنه.
ويكفي في البرهان عليه : غناه عن الظلم ، وعدم حاجته إليه ، وأنّه تعالى منزّه عن فعل القبيح ، كما يشهد بذلك العقل الصحيح ، مع أنّه أمر بالعدل والإحسان ، وذمّ الظلم وأهله في صريح القرآن ، وأحال الظلم على ذاته ، كما دلّ عليه صريح آياته ، وكرّر اللعن على الظالمين في محكم كتابه المبين ، وأخرجهم عن قابليّة الدخول في جملة الأوصياء والمرسلين ، بقوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ) (١).
وقد جرى مثل ما ذكرناه وحرّرناه وسطرناه على لسان أنبيائه وخاصّة أصفيائه وأوليائه ، الذين دلّت على صدقهم المعجزات ، وقامت عليه البراهين والآيات.
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.