الشقشقيّة (١) ونحوها ، وكيف يقع التظلّم منه صلوات الله عليه ولو صورة وهو مقتضٍ لعدم الوثوق بالخلفاء؟! وممّا رواه جماعة أهل الآثار : أنّ قوماً من الناس قالوا : ما بال علي عليهالسلام لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان ، كما حارب طلحة والزبير؟! فبلغ الخبر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأمر أن ينادى بالصلاة جامعةً.
فلمّا اجتمع الناس قام فيهم أمير المؤمنين عليهالسلام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى عليه ، فقال : معاشر الناس ، بلغني أنّ قوماً قالوا : ما بال علي عليهالسلام لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير ، ألا وإنّ لي في سبعة من أنبياء الله أُسوة :
أوّلهم : النبي نوح عليهالسلام ؛ إذ قال الله تعالى مخبراً عنه (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (٢) ، فإن قلتم ما كان مغلوباً كفرتم وكذّبتم القرآن ، وإن كان نوح مغلوباً ، فعلي أعذر منه.
الثاني : إبراهيم عليهالسلام ؛ حيث يقول (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) (٣) ، فإن قلتم : إنّه اعتزلهم من غير مكروه كفرتم ، وإن قلتم : أنّه رأى المكروه منهم فاعتزلهم ، فأنا أعذر.
الثالث : لوط عليهالسلام ؛ إذ قال لقومه (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (٤) ، فإن قلتم : إنّه كان له قوّة ، فقد كفرتم وكذّبتم القرآن ، وإن قلتم : إنّه لم يكن له بهم قوّة ، فأنا أعذر منه.
الرابع : يوسف عليهالسلام ؛ إذ قال (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (٥) ،
__________________
(١) تذكرة الخواص : ١٢٤ ، النهاية لابن الأثير ١ : ٢٥٠ ، وج ٢ : ٤٤ ، ٤٩٠ ، لسان العرب ١٠ : ١٨٥ ، القاموس المحيط ٣ : ٢٥٩ ، شرح نهج البلاغة : ١ : ١٥١.
(٢) القمر : ١٠.
(٣) مريم : ٤٨.
(٤) هود : ٨٠.
(٥) يوسف : ٣٣.