حيوانية ، والأخيرة بدورها تغيرت إلى صورة معدنية .... وهكذا ، فالجوهر المادي أشبه ما يكون بالطين الذي يتخذ أشكالاً مختلفة حين استخدامه في البناء ، فإنه واحد لم يتغيّر وإنما صوره الطارئة عليه تتغير.
وهو منشأ آثار أنواع الموجودات المادية الجسمانية وله أنواع مختلفة ، فمن جملتها الصورة الجسمية التي تلازم الهيولى ولا تنفك عنها؛ لأن الهيولى ـ وكما تقدّم ـ لا فعليّة ولا تشخص فيها سوى استعدادها لتقبل الصور النوعية المختلفة ، فلابدّ من صورة تتلبس بها وتحقق عن طريقها فعليتها ، وهذِهِ الصورة هي الصورة الجسمية. وحيث إنه لا يوجد في دنيا الوجود صورة جسمية مطلقة تُظهِرُ الهيولى ، كان المظهر لها صور الأشياء المادية المختلفة ، كالصورة الترابية والنباتية والحيوانية والمعدنية.
وهكذا فإن صور الأنواع المادية الأخرى تتوالى على الهيولى كالصورة الحديدية والخشبية والزئبقية ، والأوكسجينية مع بقاء الهيولى ثابتة على حالها بلا تغيير ، فالمتغير والمتبدِّل هنا الصور النوعية للمادة دون مادتها المشتركة المسماة بالهيولى.
ولا يخفى أن كل صورة من الصور النوعية المتوالية على الهيولى تصلح أن تكون مادة لما بعدها ، فالحيوان مادة للصورة النوعية النباتية ، والنبات مادة للصورة النوعية الحيوانية والحيوان مادة للصورة النوعية الإنسانية ... ، وتسمى هذه المواد بالمادة الثانية تميزاً لها عن المادة الأولى والهيولى المتقدم ذكرها (١).
__________________
١ ـ ويظهر مما تقدم أن كل مادة ما خلا المادة الأولى تسمى بالمادة الثانية ، فلا توجد من بينها مادة ثالثة أَو رابعة أو خامسة ....