وتفكيره وتصرّفه كشخصٍ اعتيادي تماماً. ومن هنا أمكنَ للحسين عليهالسلام أن يتكلّم معهم كأفرادٍ أو كبشرٍ بغضّ النظر عن موقفهم العسكري.
الأساسُ الثالث : إنّ عامّة هؤلاء الموجودين ضدّه ليسوا أعداءً له بأشخاصهم ، بل العدوّ الحقيقي ليس إلاّ الحاكم الأموي ، ثُمّ المأمورون الأساسيّون في الجيش : كعُبيد الله بن زياد الذي كان حاكم الكوفة يومئذ ، وعُمر بن سعد الذي كان القائد العام للجيش المعادي للحسين عليهالسلام وأضرابهم.
أمّا الباقون ، فهم مجلوبون بأسبابٍ عديدة : أهمّها الخوف والطمع وليسوا أعداءً حقيقيين ، ولذا قال قائلهم : قلوبُنا معك وسيوفنا عليك (١) ، ولذا صحّ للإمام الحسين عليهالسلام طلب النُصرة منهم لأجل مصلحتهم لعلّهم يتوبون أو يذّكرون.
السؤالُ الثاني : هل كان الإمام الحسين عليهالسلام يُدافع عن عصبيّة أو عنصريّة من : عشيرة ، أو جنس ، أو لغة ، أو غير ذلك ، أو كان يختصّ دفاعه إلى جانب الدين الحنيف؟
ولعلّ هناك من محبّيه وأعدائه على السواء ، مَن يعتقد أنّه كان يدافع عن عنصريّة أو قَبليّة ، وحاشاه ، ومن هنا جاء أمثال قول الشاعر :
قوّضي (٢) يا خيام عَليا نزار |
|
فلقد قوّض العماد الرفيع |
واملئي العين يا أُميّة نوماً |
|
فحسينٌ على الصعيد صَريع (٣) |
وهو واضحٌ بأنّ الحرب كان بين (نزار) المتمثّل بالحسين عليهالسلام ، و (أُميّة)
__________________
(١) العقد الفريد : ج ٤ ، ص ٣٨٢ ، الإرشاد : المفيد ، ص ٢١٨ ، الخوارزمي : ج ١ ، ص ٢٢٠.
(٢) قوّض : نَزَع الأعواد والأطناب (أقربُ الموارد : ج ٢ ، ص ١٠٥٢).
(٣) للسيّد حيدر الحلّي (١٢٤٦ هـ ـ ١٣٠٤ هـ) وهذا البيت من قصيدة طويلة مطلعها :
قد عهدنا الربوع وهي ربيع |
|
أين لا أين أُنسها المجموع |
(أدب الطف : ج ١٨ ـ ٣٣).