فهذا هو مختصر الكلام في الجواب عن السؤال الأوّل.
وأمّا السؤال الثاني : وهو عن سبب التحاقهم به وعدم تفرّقهم عنه ـ بالرغم ممّا سبقَ قبل قليل من احتمال وجوب ذلك في ذِممهم ـ.
فجواب ذلك يتمّ على عدّة مستويات نذكر منها :
المستوى الأوّل : إنّ المهمّ في نظر المؤمن ليس هو النظر إلى التكليف الشرعي بالذات ، بل إلى رضاء الله عزّ وجل ، وإنّما يكون تطبيق التكليف وطاعته مقدّمة لذلك وأسلوباً لتحصيله ، فإذا أحرزَ الفرد أنّ هناك منبعاً لرضا الله عزّ وجل أفضل وأهم وأعلى من مجرّد تطبيق بعض الأحكام ، كما أحرز أصحاب الحسين عليهالسلام ، كان لهم بل لزمهم اختيار الأفضل والمحلّ الأعلى لا محالة.
__________________
خوفهم على عوائلهم من السبي والأذى أمراً راجحاً جدّاً ، فيكون سبباً مهماً في تخاذلهم ورجوعهم عن القتال للحفاظ على تلك العوائل والأعراض.
٧ ـ إنّ الرسول وأصحابه سُدّدوا بتسهيلات كثيرة من السماء : كنزول الملائكة للقتال معهم ، وهطول المطر لإطفاء ظمأهم وتسديد الرَمية التي يرمونها ، والربح التي اقتلعت أخبية الأعداء ، والحصى التي رمى بها الرسول جبهة المشركين فانهزموا على إثر ذلك ، والنُعاس كما في قوله : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ) (الأنفال : آية ١١) لتستريح أعصابهم.
والأمر الآخر أيضاً : إنّ الله قلّل عدد المشركين في أعين المسلمين .....إلخ ، إذاً فهناك تسديدات وتسهيلات سماويّة لأصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله.
أمّا الحسين عليهالسلام وأصحابه فالأمر يختلف ؛ إنّما شاء الله أن تسير الأمور في واقعة الطف بشكل طبيعي ، بل وبوجود بعض الابتلاءات للحسين عليهالسلام وأصحابه ، كابتلائهم بالعطش بقطع الماء عنهم.
فلو عَلمنا ـ كما أشرنا إلى ذلك مُسبقاً ـ أنّ شهداء بدر على ما قيل هم أفضل الشهداء ، فمع هذه الفروق وغيرها يكون أصحاب الحسين عليهالسلام قد تفوّقوا عليهم وبذلك تكون الأفضليّة لهم.