الجهة السابعة : قالوا : وأقبلَ فرس الحسين بعد سقوطه عليهالسلام عنه ، يدور حوله ويُلطّخ عُرفه وناصيته بدمه ، فصاحَ ابن سعد بقومه : دونَكم الفرس ؛ فإنّه من جياد خيل رسول الله ، فأحاطت به الخيل ، فجعلَ يضرب برجليه حتّى قتلَ رجالاً وأفراساً كثيرة ، فقال ابن سعد : دعوهُ ننظر ما يصنع ، فلمّا أمنَ الطلب ، أقبلَ نحو الحسين عليهالسلام ، فأخذَ يمرِّغ ناصيته بدمه ويشمّه ويصهل صهيلاً عالياً ، ثمّ توجّه إلى المخيّم بذلك الصهيل الحزين (١) ، وفي بعض الأخبار المنقولة أنّه : ضربَ رأسه بعمود الخيمة حتّى مات (٢).
فقد يقع السؤال : عن إمكان إدراكه وتشخيصه للموقف بغضّ النظر عن حصول المعجزة ، وهو حيوان وليس بإنسان بطبيعة الحال.
وجواب ذلك : إنّنا إن أخذنا بفكرة المعجزة ، أمكنَ القول بأنّ معاشرة المعصومين (سلام الله عليهم) من قِبل الإنسان والحيوان معاً ، مؤثّرة في تكامله وفهمه ، كلّ واحدٍ بمقداره واستحقاقه واستعداده ، أمّا كيفيّة تقبّل ذلك بالنسبة إلى الحيوان ، فهو أمر غير واضح ؛ لأنّ مستوى فهم الحيوانات أمر غير واضح بدوره ، إلاّ أنّ عدم وضوحه لا يعني عدم ثبوته ولو بنحو الاحتمال القاطع للاستدلال.
وإن لم نأخذ بفكرة المعجزة ، فمن الأكيد أنّ الفرس من أذكى الحيوانات وأرقاها ، وهي عند علماء الحيوان تأتي بعد القرد مباشرة وخاصّة الأفراس العربية الأصيلة ، وقد كان فرس الحسين عليهالسلام واحداً منها ، فهي تَعرف صاحبها وتحبّه ، وتعرف ذويه وتصبر على ما ينوبها في سبيله من جوعٍ أو عطش ، وتحسّ بإكرام
__________________
(١) أمالي الصدوق : ص ١٤ ، مجلس ٣٠ ، الخوارزمي : ج ٢ ، ص ٣٧ ، البحار : ج ٤٥ ، ص ٥٧.
(٢) البحار : ج ٤٥ ، ص ٦٠ ، الدمعة الساكبة : ص ٣٤٧ ، أسرار الشهادة : ص ٤٣٦.