وكلُّ موجود مشمول لذلك ، سواء كان أنساناً أم حيواناً أم جماداً أم ملائكة أم غيرها مِن الأُمور. لا يشذُّ عن ذلك حتَّى الأفعال الاختياريَّة للفاعلين المُختارين مِن الناس أو غيرهم ؛ فإنَّها بالرغم مِن أنَّها اختياريَّة منسوبة لأصحابها ، ويستحقُّون عليها المدح أو القدح ، إلاَّ أنَّها بصفتها خلقاً مِن خلق الله سبحانه ، فهي منسوبة إليه جلَّ جلاله ، ومِن ثمَّ يكون إيجادها ـ طبقاً لتلك القاعدة ـ ذا حكمة وعلَّة غائيَّة.
ومِن هنا يُمكن القول ـ أو يثبت الأمر ـ : إنَّ أيَّ فعل مِن أفعالنا فهو له نحوان مِن المقاصد : نحو يعود إلى الفاعل نفسه ، ونحو يعود إلى الخالق جلَّ جلاله. لا يختلف في ذلك فعل الإنسان البسيط عن العظيم ، والعالم عن الجاهل ، ولا معصوم عن غير المعصوم ، وهكذا.
فمثلاً ، يُمكن القول : إنَّ الحسين عليهالسلام إنَّما قام بحركته العظيمة ، مِن أجل غرضه الشخصي ـ بينه وبين نفسه ـ وذلك لأجل قيامه بواجب مِن الواجبات الموكولة إليه والمُكلَّف بها تماماً ، كما لو صلَّينا صلاة الظهر امتثالاً لأمر الله سبحانه علينا وجوباً مِن ناحية ، وطمعاً بالثواب الناتج منها مِن ناحية أُخرى. وقد أمر الله الحسين عليهالسلام ـ كما سيأتي شرحه ـ بهذه الحركة ، فهو يمتثل هذا الأمر ، مُتوخِّياً الثواب العظيم ، والمقامات العُليا التي ذخرها الله سبحانه له ، والتي لن ينالها إلاَّ بالشهادة.
ومحلُّ الشاهد ـ الآن ـ هو أنَّ التساؤلات عن حركة الحسين عليهالسلام ، إنَّما هو مِن قبيل التساؤلات عن الحكمة الإلهيَّة فيها ، وليس عن الأغراض الخاصَّة بالحسين عليهالسلام منها ـ كما شرحناه ـ ؛ ومِن هنا يكون الاعتراض عليها ـ أعني هذه الحركة ـ والطعن في أهدافها ، إنَّما هو طعن بالحكمة الإلهيَّة مُباشرة ،
__________________
فاعل بالقصد والإرادة ؛ فإنَّه إنَّما يفعل لغرض وغاية ما ، وإلاَّ لكان عابثاً ؛ فإنَّ الفاعل للبيت يتصوَّر الاستكنان أوَّلاً فيتحرَّك ، أو إلى إيجاد البيت ثمَّ يوجد الاستكنان بحصول البيت). ص ٩٥ ط قُمْ.