أصحاب المعصومين
قد يخطر في الذهن السؤال ، عمَّا إذا كان أصحاب المعصومين (رضوان الله عليهم) ، وبعض الخاصَّة مِن أقاربهم ، كالعباس بن علي ، ومسلم بن عقيل ، وحبيب بن مظاهر الأسدي (١) وأضرابهم ، أيضاً يُمكن حمل أقوالهم وأفعالهم على الصحَّة والحكمة ، كالمعصومين (سلام الله عليهم) ، مع أنَّه لا مُلازمة في ذلك ؛ للاحتمال الراجح ـ بلْ المُتعيِّن ـ أنَّ للعصمة دخلاً في الإلهام والتوجيه لهم عليهمالسلام ، وهي غير مُتوفِّرة في أصحابهم (عليهم الرضوان) ؛ فلا يكون الدليل السابق شاملاً لهم. فإنْ كانت النتيجة صحيحة ـ أعني : مُطابقة أعمالهم للحكمة ـ فلا بُدَّ أنْ يكون ذلك بدليل آخر ، لا بنفس الدليل السابق.
وجواب ذلك : إنَّ الدليل على ذلك مُتوفِّر في عدد مِن خاصَّة أصحاب الأئمَّة (سلام الله عليهم) ؛ وذلك لعِدَّة وجوه :
الوجه الأوَّل : إنَّ مثل هؤلاء الخاصَّة معصومون بالعصمة غير الواجبة ،
__________________
(١) حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر الأسدي الفقعسي ، أجمع أرباب المصادر أنَّه كان شخياً صحابيَّاً مِمَّا رأى النبي صلىاللهعليهوآله وسمع وروى حديثه ، ونزل الكوفة وصحب أمير المؤمنين عليهالسلام وحضر معه جميع حروبه ، وكان مِن شرطة الخميس ، وهو مِمَّن كاتب الحسين للقدوم إلى الكوفة ، وكانت له مواقف مُسجلَّة في صفحات التاريخ مع مسلم بن عقيل ، وأخذ البيعة للحسين على يده. وبعد قتل مسلم وهاني اختفى في بيته وعشائره فراراً مِن السلطة آنذاك. وبعد أنْ ورد إليه رسول الحسين يخبره بنزول الحسين كربلاء خرج ومعه غلامه مُتخفِّياً ، حتَّى وصل كربلاء قبل اليوم العاشر مِن المُحرَّم ، فكانت له يوم الطفِّ أيادي بطوليَّة ومواقف مُركَّزة في جانب المُعسكر الحسيني ، بحيث يقول التاريخ عنه : إنَّه لمَّا قُتل حبيب هدَّ مقتله الحسين عليهالسلام. مقتل آل بحر العلوم ص ٤٨٩.