السّلام) ، قد ربَّاهم المعصومون عليهمالسلام ، وكانوا تحت رعايتهم وتوجيههم ، وأمرهم ونهيهم ردحاً طويلاً مِن الزمن ، إلى حدٍّ يُستطاع القول : إنَّهم فهموا الاتِّجاه المُعمَّق والارتكازي ـ لو صحَّ التعبير ـ للمعصومين (سلام الله عليهم) ؛ ومِن هنا كان باستطاعتهم أنْ يُطبِّقوا هذا الاتِّجاه في كلِّ أقوالهم وأفعالهم.
كما يُستطاع القول : إنَّ الأصحاب (رضوان الله عليهم) تلقُّوا مِن الأئمَّة عليهمالسلام توجيهات وقواعد عامَّة في السلوك والتصرُّف ، أكثر مِمَّا هو مُعلَن بين الناس بكثير ؛ بحيث استطاعوا أنْ يُطبِّقوا هذه القواعد طيلة حياتهم.
الوجه الثالث : إنَّ هؤلاء مِن خاصَّة الأصحاب همْ مِن الراسخين في العلم ، وقد أصبحوا كذلك لكثرة ما سمعوا ، ورووا عن المعصومين عليهمالسلام ابتداءً بالنبي صلىاللهعليهوآله وانتهاء بالأئمَّة عليهمالسلام ، مِن حقائق الشريعة ودقائقها وأفكارها.
وقد يخطر في البال : أنَّ عنوان (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) خاصٌّ بقسم مِن الناس ، ولا يُمكن أنْ يشمل قسماً آخر ، فهو خاصٌّ إمَّا بالأئمَّة المعصومين عليهمالسلام أو بمَن هو معصوم بالعصمة الواجبة ، بما فيهم الأنبياء عليهمالسلام. وأمَّا شمول هذا العنوان لغيرهم فهو محلُّ إشكال ، وخاصَّة بعد أنْ ورد في بعض الروايات (٢) تفسيره بأحد هذين المعنيين.
وجوابه : إنَّ أخصَّ الناس مِمَّن يُمكن اتِّصافه بهذه الصفة ، هُمْ المعصومون عامَّة والأئمَّة خاصَّة ، وهُمْ القدر المُتيقَّن مِن هذا العنوان ـ أعني : الراسخين في العلم ـ وهُمْ فعلاً كذلك. ولا يُمكن أنْ يُضاهيهم بدرجتهم أحد ؛ ومِن هنا ورد التفسير في ذلك (٣) إلاَّ أنَّ هذا لا يُنافي أنْ يكون الباب مفتوحاً لكثيرين في أنَّ
__________________
(١) سورة آل عمران آية ٧.
(٢) أصول الكافي للكليني ج ١ باب ٧٧ ص ٢١٣.
(٣) مجمع البيان للطبرسي ج ٢ ص ٧٠١.