علم المنايا والبلايا ، أو علم ما كان وما يكون ، أو علم الجفر ونحو ذلك. ومثله ما ورد : أنَّ عليَّاً عليهالسلام قال لابنه العباس عليهالسلام وهو صغير : (قُلْ : واحد). فقال : واحد. فقال له : (قُلْ : اثنين). فرفض (١) ؛ لأنَّه عليهالسلام يجد الوجود الإلهي والنور الإلهي هو الواحد الأحد ، ولا شيء غيره. إذاً ؛ فلا يوجد اثنان ليقول : اثنين. وهذا كان ثابتاً له في صغره ، فكيف يُصبح؟ وماذا ينال مِن مدارج اليقين في كبره؟. إلى غير ذلك مِن الروايات.
الوجه الخامس : إنَّ التصرُّفات المُهمَّة ، التي ترتبط بالمصالح العامَّة وبالحكمة الإلهيَّة في تدبير المُجتمع وتسبيب أسبابه ، هي دائماً محلُّ عناية الله
__________________
(٣) ميثم التمَّار : كان ميثم (رض) عبداً لامرأة مِن بني أسد ، فاشتراه أمير المؤمنين عليهالسلام واعتقه على كثير وأسراراً خفيَّة مِن أسرار الوصيَّة ، فكان ميثم يُحدِّث ببعض ذلك فيشكُّ فيه قوم مِن أهل الكوفة ، وينسبون علياً عليهالسلام في ذلك إلى المَخرقة والإيهام والتدليس حتَّى قال عليهالسلام له يوماً بمحضر خلق كثير مِن أصحابه وفيهم الشاكُّ والمُخلص : «يا ميثم ، إنَّك تؤخد بعدي وتُصلب وتُطعن بحربة ، فإذا كان ذلك اليوم الثالث ابتدر منحراك وفمك دماً فتُخضَّب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب ، فتُصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة وأقربهم مِن المِطهرة. وأمضِ حتَّى أُريك النخلة التي تُصلب على جدعها» فأراه إيَّاها. فكان ميثم يأتيها ويُصلِّي عندها ويقول : بوركت مِن نخلة! لك خلقت ولي غذيت. ولم يزل يتعاهدها حتَّى قطعت ، وحتَّى عرف الموضع الذي يُصلب عليه في الكوفة وحدَّ في السنة التي قُتِل فيها ، فدخل على أُمِّ سلمة (رض) فقالت : مَن أنت؟ قال : أنا ميثم. قالت : والله ، لربَّما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يذكرك ويوصي بك عليَّاً عليهالسلام في جوف الليل ، فسألها عن الحسين عليهالسلام فقالت : هو في حائط له. قال : أخبريه أنَّني أحببت السلام عليه ، ونحن مُلتقون عند رب العالمين إنْ شاء الله ، فدعت بطيب وطيَّبت لحيته ، وقال : أما إنَّها ستُخضَّب بدم. فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه وحبس معه المُختار بن أبي عبيدة ، فقال له ميثم : إنَّك تُفْلِت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليهالسلام فتقتل هذا الذي يقتلنا ، فلمَّا دعا عبيد الله بالمُختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله ، يأمره بتخلية سبيله فخلاَّه وأمر بميثم أنْ يُصلب ، فلمَّا رُفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على تحت خشبته وَرشَّه وتجميره ، فجعل ميثم يُحدِّث بفضائل بني هاشم ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد. فقال : ألجموه. وكان أوَّل خلق الله ألجم في الإسلام. الكُنى والألقاب ج ٣ ص ٢١٧.
(١) خاتمة المستدرك للعلامة النوري ج ٣ ص ٨١٥. نقلاً عن مجموعة الشهيد الأول قدسسره.