رضا الله رضانا أهل البيت
سمعنا الإمام الحسين عليهالسلام فيما سبق في الخُطبة المرويَّة عنه أنَّه قال : «رضى الله رضانا أهل البيت» (١). فنزيد هنا إعطاء فكرة كافية عن ذلك ، فإنْ فهم هذه الجملة يحتوي على تقسيمين :
التقسيم الأوَّل : النظر إلى معنى الرضى في هذا الجملة ، فإنَّنا تارة نفهم نفس الرضى بصفته عاطفة نفسيَّة محبوبة ، وأُخرى نفهم منها : الأمر المرضي ، يعني : الذي يتعلَّق به الرضى كما هو المُتعارف عرفاً التعبير عنه بذلك ولو مجازاً.
التقسيم الثاني : النظر إلى ما هو المُتبدأ والخبر في هذه الجملة ، فإنَّه قد يكون (رضى الله) مُبتدأ و (رضانا) خبر ، كما هو مُقتضى الترتيب اللفظي لهذه الجملة. كما أنَّه قد يكون العكس صحيحاً ، وهو أنْ يكون (رضا الله) خبراً مُقدَّماً و (رضانا) مُبتداً مُؤخَّراً.
وإذا لاحظنا كلا التقسيمين ، كانت الاحتمالات أربعة بضرب اثنين في اثنين ، ولكلٍّ مِن هذه المُحتملات معناها المُهمُّ. ويُمكن أنْ نُعطي فيما يلي بعض الأمثلة لذلك في الفُهوم التالية :
الفَهم الأوَّل : أنْ يكون الرضى بمعنى الأمر المرضي ، ويكون (رضى الله) في هذه الجملة هو المُبتدأ ؛ فيكون المعنى : أنَّ الأمر الذي يرضاه الله عزَّ وجلَّ نرضاه نحن أهل البيت. وهذا هو الفَهم الاعتيادي والمُناسب مع السياق في هذه الخُطبة ، مِن حيث إنَّه عليهالسلام يُعبِّر عن رضاه بمقتله لأنَّه أمر مرضيٌّ لله
__________________
(١) أسرار الشهادة للدربندي ص ٢٢٧ ـ كشف الغُمَّة للاربلي ج ٢ ص ٢٤١.